للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلَافِ مَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ لِأَنَّهُ اسْتِصْنَاعٌ فَاسِدٌ فَيُحْمَلُ عَلَى السَّلَمِ الصَّحِيحِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ دَيْنٌ يَحْتَمِلُ السَّلَمَ، وَجَوَازُ السَّلَمِ بِإِجْمَاعٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَفِي تَعَامُلِهِمْ الِاسْتِصْنَاعُ نَوْعُ شُبْهَةٍ فَكَانَ الْحَمْلُ عَلَى السَّلَمِ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُجْبَرْ الصَّانِعُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِإِتْلَافِ عَيْنٍ لَهُ مِنْ قَطْعِ الْأَدِيمِ وَنَحْوِهِ، وَالْإِجَارَةُ تُفْسَخُ فَفُسِخَ بِهَذَا الْعُذْرِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُزَارِعَ لَهُ أَنْ لَا يَعْمَلَ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ، وَكَذَا رَبُّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْمُضِيُّ بِهَذِهِ الْإِجَارَةِ إلَّا بِذَلِكَ وَالْمُسْتَصْنِعُ وَلَوْ شَرْطَ تَعْجِيلَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فِي الْآخِرَةِ كَشِرَاءِ مَا لَمْ يَرَهُ، وَلِأَنَّ جَوَازَ الِاسْتِصْنَاعِ لِلْحَاجَةِ وَهِيَ فِي الْجَوَازِ لَا اللُّزُومِ، وَلِذَا قُلْنَا لِلصَّانِعِ أَنْ يَبِيعَ الْمَصْنُوعَ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ الْمُسْتَصْنِعُ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرَ لَازِمٍ وَأَمَّا بَعْدَ مَا رَآهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ، بَلْ إذَا قِبَلَهُ الْمُسْتَصْنِعُ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ لِأَنَّهُ بِالْآخِرَةِ بَائِعٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>