للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذَا كَانَ رَسُولُ الْقَاضِي الَّذِي يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ وَاحِدًا جَازَ وَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ Object: لَا يَجُوزُ إلَّا اثْنَانِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْمُزَكِّي، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ رَسُولُ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَالْمُتَرْجِمُ عَنْ الشَّاهِدِ لَهُ أَنَّ التَّزْكِيَةَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ تَنْبَنِي عَلَى ظُهُورِ الْعَدَالَةِ وَهُوَ بِالتَّزْكِيَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَمَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِيهِ، وَتُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ فِي الْمُزَكِّي وَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.

وَلَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ وَمَجْلِسُ الْقَضَاءِ، وَاشْتِرَاطُ الْعَدَدِ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ فِي الشَّهَادَةِ فَلَا يَتَعَدَّاهَا.

لِغَلَبَةِ النُّفُوسِ فِيهِ فَيُوجِبُ الْفِتْنَةَ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ، ثُمَّ قِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُعَدِّلُ هُوَ عَدْلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا وَهُوَ غَيْرُ جَائِزِ الشَّهَادَةِ. وَقِيلَ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ هُوَ عَدْلٌ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ ثَابِتَةٌ بِالدَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا فَلَا تَلْزَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ، وَهَذَا أَصَحُّ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ نَظَرًا إلَى الدَّارِ فَيُكْتَفَى بِهِ مَا لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ بِالرِّقِّ

ثُمَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ Object تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ مَنْ رَأَى أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ بِلَا طَعْنٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْخَصْمِ: يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا قَالَ فِي شُهُودِ الْمُدَّعِي هُمْ عُدُولٌ فَلَا تَقَعُ بِهِ التَّزْكِيَةُ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي وَشُهُودِهِ أَنَّ الْخَصْمَ كَاذِبٌ فِي إنْكَارِهِ مُبْطَلٌ فِي إصْرَارِهِ فَلَا يَصْلُحُ مُعَدِّلًا لِأَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ فِي الْمُزَكِّي بِالْإِجْمَاعِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، يَجُوزُ قَوْلُهُ ذَلِكَ تَعْدِيدٌ، لَكِنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضُمُّ تَزْكِيَةُ آخَرَ إلَى تَزْكِيَتِهِ أَيْ تَزْكِيَةِ الْخَصْمِ لِأَنَّ الْعَدَدَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي الْمُزَكِّي شَرْطٌ، وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ هُمْ عُدُولٌ إلَّا أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا أَوْ نَسُوا.

أَمَّا لَوْ قَالَ صَدَقُوا أَوْ هُمْ عُدُولٌ صَدَقَةٌ أَوْ مَعْنًى هَذَا فَقَدْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ وَانْقَطَعَ النِّزَاعُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَا إذَا قَالَ هُمْ عُدُولٌ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَشَهِدُوا عَلَيْك بِحَقٍّ أَمْ بِبَاطِلٍ، فَإِنْ قَالَ بِحَقٍّ فَهُوَ إقْرَارٌ، وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ.

[فَرْعٌ]

إذَا شَهِدَ فَعُدِّلَ ثُمَّ شَهِدَ لَا يُسْتَعْدَلُ إلَّا إذَا طَالَ، فَوَقَّتَ مُحَمَّدٌ شَهْرًا وَأَبُو يُوسُفَ سَنَةً ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ

(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ رَسُولُ الْقَاضِي الَّذِي يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ وَاحِدًا جَازَ وَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ إلَّا اثْنَانِ، وَالْمُرَادُ)

مِنْ رَسُولِ الْقَاضِي (الْمُزَكِّي) وَهُوَ الْمَسْئُولُ مِنْهُ عَنْ الشُّهُودِ فَيَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ الَّذِي يُسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّزْكِيَةِ الْوَاحِدُ، وَكَذَا الرِّسَالَةُ إلَيْهِ وَالرِّسَالَةُ مِنْهُ إلَى الْقَاضِي، وَكَذَا فِي التَّرْجَمَةِ عَنْ الشَّاهِدِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ التَّزْكِيَةَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ، لِأَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي تَنْبَنِي عَلَى ظُهُورِ الْعَدَالَةِ وَهِيَ بِالتَّزْكِيَةِ فَتَوَقَّفَتْ عَلَيْهَا كَمَا تَوَقَّفَتْ عَلَيْهَا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>