للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فِي الْحَالِ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالْعَيْنِ لِلْمُدَّعِي لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ الْقَاضِي إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ زَوْجَتُهُ فَشَهِدُوا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْحَالِ تُقْبَلُ، هَذَا كُلُّهُ إذَا شَهِدُوا بِالْمِلْكِ فِي الْمَاضِي.

أَمَّا لَوْ شَهِدُوا بِالْيَدِ لَهُ فِي الْمَاضِي وَقَدْ ادَّعَى الْآنَ لَا يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ تَسُوغُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُقْضَى بِهَا، وَخَرَّجَ الْعِمَادِيُّ عَلَى هَذَا مَا نَقَلَ عَنْ الْوَاقِعَاتِ. لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ رَجُلٍ عِنْدَ رَجُلَيْنِ ثُمَّ شَهِدَ عَدْلَانِ عِنْدَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ أَنَّ شَاهِدَيْ الْإِقْرَارِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا يَشْهَدَانِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ هَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الدَّيْنَ وَشَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ تُقْبَلُ، وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ عَلَيْهِ، وَالْحَالُ أَنَّ صَاحِبَ الْوَاقِعَاتِ فَرَّقَ حَيْثُ قَالَ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَشْهَدَانِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ لَمْ يَكُنْ لِمَنْعِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ مَعْنًى.

وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْفِقْهُ أَنَّهُمَا إذَا ثَبَتَ عِنْدَ هُمَا بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ أَنَّهُ قَضَاهُ. ذَلِكَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُمَا أَوْ ثَبَتَ بِطَرِيقٍ أَفَادَهُمَا ذَلِكَ أَنْ لَا يَشْهَدَا كَمَا عُرِفَ فِيمَا إذَا عَلِمَ شَاهِدُ الْأَلْفِ أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْهَا خَمْسَمِائَةٍ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يُقِرَّ بِقَبْضِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَكْسُ مَا نَحْنُ فِيهِ لَوْ ادَّعَى فِي الْمَاضِي بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ كَانَتْ مِلْكِي فَشَهِدُوا أَنَّهَا لَهُ اُخْتُلِفَ فِي قَبُولِهَا، وَالْأَصَحُّ لَا تُقْبَلُ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ إسْنَادَ الْمُدَّعِي دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ مِلْكِهِ فِي الْحَالِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ كَانَ فِي الْمَاضِي إلَّا ذَلِكَ، بِخِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ إذَا أَسْنَدَا ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِمَا إيَّاهُ فِي الْحَالِ لِجَوَازِ قَصْدِهِمَا إلَى الِاحْتِرَاسِ عَنْ الْإِخْبَارِ بِمَا لَا عِلْمَ لَهُمَا بِهِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعْلَمَا سِوَى ثُبُوتِهِ فِي الْمَاضِي وَلَمْ يَعْلَمَا بِانْتِقَالِهِ فَقَدْ يَكُونُ انْتَقَلَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَحْتَرِسُ عَنْهُ الشَّاهِدُ وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ لِلْحَالِ بِالِاسْتِصْحَابِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ: ادَّعَى النَّقْرَةَ الْجَيِّدَةَ وَبَيَّنَ الْوَزْنَ فَشَهِدَا عَلَى النَّقْرَةِ وَالْوَزْنِ وَلَمْ يَذْكُرَا جَيِّدَةً وَلَا رَدِيئَةً وَلَا وَسَطًا تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالرَّدِيءِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى قَفِيزَ دَقِيقٍ مَعَ النُّخَالَةِ فَشَهِدُوا مِنْ غَيْرِ نُخَالَةٍ أَوْ مَنْخُولًا فَشَهِدُوا عَلَى غَيْرِ الْمَنْخُولِ لَا تُقْبَلُ.

وَفِيهَا أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ بَيْتٍ فَشَهِدُوا عَلَى أَلْفٍ مِنْ ضَمَانِ جَارِيَةٍ غَصَبَهَا فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ لَا تُقْبَلُ. وَعَنْ هَذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَسْطُورَةِ: وَهِيَ مَا إذَا شَهِدَا بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ جَارِيَةٍ بَاعَهَا مِنْهُ فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ أَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَاَلَّذِي لِي عَلَيْهِ ثَمَنُ مَتَاعٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ: أَيْ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ لِأَنَّ مِثْلَهُ فِي الْإِقْرَارِ يُقْبَلُ لِمَا ذَكَرُوا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهَا، وَفِي الْكَفَالَةِ: إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كَفَلَ بِأَلْفٍ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ الطَّالِبُ هُوَ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَكِنَّ الْكَفَالَةَ كَانَتْ عَنْ فُلَانٍ آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْمَالِ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ فَلَا يَضُرُّهُمَا الِاخْتِلَافُ فِي السَّبَبِ.

وَمِثْلُهُ ادَّعَى أَنَّهُ أَجَّرَهُ دَارًا وَقَبَضَ مَالَ الْإِجَارَةِ وَمَاتَ فَانْفَسَخَتْ وَطَلَبَ مَالَ الْإِجَارَةِ فَشَهِدُوا أَنَّ الْآجِرَ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِ الْإِجَارَةِ تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ، لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْمَقْصُودِ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ مَالِ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ ادَّعَى الدَّيْنَ أَوْ الْقَرْضَ فَشَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْمَالِ تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِهِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْقَبُولَ فِي الْمُحِيطِ وَالْعِدَّةِ.

وَقَالَ قَاضِي خَانْ تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَلَوْ ادَّعَى قَرْضًا فَشَهِدُوا أَنَّ الْمُدَّعِيَ دَفَعَ إلَيْهِ كَذَا وَلَمْ يَقُولُوا قَبَضَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَثْبُتُ قَبْضُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْبَيْعِ شَهَادَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْقَبْضُ بِذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ لِذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>