للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّفْعَوِيَّةِ وَعَلَى الْمُتَابَعَةِ فِي قِرَاءَةِ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ

فَرْعٌ]

الْمَسْبُوقُ الَّذِي أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّالِثَةِ لَا يَقْنُتُ فِيمَا يَقْضِي.

(قَوْلُهُ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّفْعَوِيَّةِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا عُرِفَ مِنْ وُجُوبِ حَذْفِ يَاءِ النَّسَبِ إذَا نُسِبَ إلَى مَا هِيَ فِيهِ، وَوَضْعِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مَكَانَهَا حَتَّى تَتَّحِدَ الصُّورَةُ قَبْلَ النِّسْبَةِ الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهَا وَالتَّمْيِيزُ حِينَئِذٍ مِنْ خَارِجٍ. ثُمَّ وَجْهُ الدَّلَالَةِ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي أَنَّهُ يُتَابِعُهُ أَوْ لَا فَيَقِفُ سَاكِتًا أَوْ يَقْعُدُ يَنْتَظِرُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَهُ أَوْ يُسَلِّمَ قَبْلَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ فِي السَّلَامِ اتِّفَاقٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُقْتَدِيًا إذْ ذَاكَ وَهُوَ فَرْعُ صِحَّةِ اقْتِدَائِهِ، ثُمَّ إطْلَاقُ الْقَانِتِ يَشْمَلُ الشَّافِعِيَّ وَغَيْرَهُ.

وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي الْمُتَابَعَةِ فِي قُنُوتٍ هُوَ بِدْعَةٌ اتِّفَاقٌ عَلَى الْمُتَابَعَةِ فِي قُنُوتٍ مَسْنُونٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ مَنْعِ الْمُتَابَعَةِ فِي قُنُوتٍ بِدْعِيٍّ وَتَجْوِيزِهَا فِي مَسْنُونٍ لِجَوَازِ أَنْ تَمْتَنِعَ فِيهِمَا، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّ الْمَانِعَ إنَّمَا عُلِّلَ بِنَسْخِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَنْسُوخٍ لَجَازَتْ، وَإِلَّا لَقَالَ مَثَلًا لَا يُتَابِعُهُ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لَا يُتَابِعُ فِيهِ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ كَالْقِرَاءَةِ وَالتَّسْمِيعِ، فَلَمَّا لَمْ يُعَلَّلْ قَطُّ إلَّا بِذَلِكَ كَانَ ظَاهِرًا فِي أَنَّهُ عِلَّةٌ مُسَاوِيَةٌ عِنْدَهُ ثُمَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْحُكْمَيْنِ خِلَافٌ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ أَبُو الْيُسْرِ اقْتِدَاءُ الْحَنَفِيِّ بِشَافِعِيٍّ غَيْرُ جَائِزٍ، لِمَا رَوَى مَكْحُولٌ النَّسَفِيُّ فِي كِتَابٍ لَهُ سَمَّاهُ الشُّعَاعَ أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ مُفْسِدٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ حَيْثُ أُقِيمَ بِالْيَدَيْنِ، وَالْمُصَنِّفُ أَخَذَ الْجَوَازَ قَبْلَهُمْ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهَا تُفِيدُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ وَبَقَاءَهُ إلَى وَقْتِ الْقُنُوتِ فَتُعَارِضُ تِلْكَ وَتُقَدَّمُ هَذِهِ لِشُذُوذِ تِلْكَ صَرَّحَ بِشُذُوذِهَا فِي النِّهَايَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَيْضًا فَالْفَسَادُ عِنْدَ الرُّكُوعِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ الِابْتِدَاءِ، مَعَ أَنَّ عُرُوضَ الْبُطْلَانِ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ لِأَنَّ الرَّفْعَ جَائِزُ التَّرْكِ عِنْدَهُمْ.

وَلَوْ تَحَقَّقَ فَالْعَمَلُ الْكَثِيرُ الْمُخْتَارُ فِيهِ مَا لَوْ رَآهُ شَخْصٌ مِنْ بَعِيدٍ ظَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَ جَوَازَ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ كَقَاضِي خَانْ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُتَعَصِّبًا وَلَا شَاكًّا فِي إيمَانِهِ، وَيُحْتَاطُ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ كَأَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ الْخَارِجِ النَّجِسِ وَيَغْسِلَ ثَوْبَهُ مِنْ الْمَنِيِّ وَيَمْسَحَ رُبْعَ رَأْسِهِ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ وَلَا يَقْطَعُ الْوِتْرَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَعَصُّبَهُ إنَّمَا يُوجِبُ فِسْقَهُ، وَلَا مُسْلِمَ يَشُكُّ فِي إيمَانِهِ، وَقَوْلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَقُولُونَهَا لِلتَّبَرُّكِ لَا لِلشَّرْطِ أَوْ لَهُ بِاعْتِبَارِ إيمَانِ الْمُوَافَاةِ.

وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِيَقِينٍ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَالْمَنْعُ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ شَاهَدَ ذَلِكَ، وَلَوْ غَابَ عَنْهُ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>