للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي النَّذْرِ. وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ النَّذْرَ سَبَبٌ فَيَظْهَرُ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ الْخُلْفِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ السَّبَبُ إدْرَاكُ الْعِدَّةِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَ.

ذَلِكَ بَلْ الْمَعْنَى فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ، أَوْ الْمَعْنَى فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يَحِلُّ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَيْهَا لَا كَمَا ظَنَّهُ أَهْلُ الظَّوَاهِرِ.

(قَوْلُهُ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ) وَهُوَ أَنَّ عِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ إذَا صَحَّ وَأَقَامَ يَوْمًا قَضَاءُ الْكُلِّ فَيَلْزَمُ الْإِيصَاءُ بِالْجَمِيعِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَا صَحَّ وَأَقَامَ، وَالصَّحِيحُ الِاتِّفَاقُ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّذْرِ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ الْمَرِيضُ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ مَثَلًا فَصَحَّ يَوْمًا، فَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ الْكُلُّ وَالْإِيصَاءُ بِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قَدْرُ مَا صَحَّ.

وَجْهُ الْفَرْقِ لَهُمَا أَنَّ النَّذْرَ هُوَ السَّبَبُ فِي وُجُوبِ الْكُلِّ فَإِذَا وُجِدَ مِنْهُ فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَحَّ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ، وَالصَّحِيحُ لَوْ قَالَهُ وَمَاتَ قَبْلَ إدْرَاكِ عِدَّةِ الْمَنْذُورِ لَزِمَهُ الْكُلُّ فَكَذَلِكَ هَذَا بِخِلَافِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ إدْرَاكُ الْعِدَّةِ وَحَقِيقَةُ هَذَا الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ فِي النَّذْرِ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ النَّذْرِ بِذَلِكَ غَيْرَ مُوجِبٍ شَيْئًا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ وَإِلَّا لَزِمَ الْكُلُّ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لِتَظْهَرَ فَائِدَتُهُ فِي الْإِيصَاءِ بَلْ هُوَ مُعَلَّقٌ بِالصِّحَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الْمُكَلَّفِ مَا أَمْكَنَ وَالنَّذْرُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ كَقَوْلِهِ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الصِّحَّةِ فَيَجِبُ الْكُلُّ، ثُمَّ يَعْجِزُ عَنْهُ لِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعِدَّةِ فَيَجِبُ الْإِيصَاءُ كَمَا لَوْ لَمْ يُجْعَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>