للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مُسَاوَاةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الزِّيِّ وَاللِّبَاسِ وَالرُّكُوبِ، ثُمَّ يُجَوِّزُونَ عُلُوَّهُمْ فَوْقَ رُءُوسِ الْمُسْلِمِينَ بِشِرَاءِ الدُّورِ الْعَالِيَةِ مِنْهُمْ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَانِعُونَ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنَ التَّعْلِيَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ حُقُوقِ الدِّينِ لَا مِنْ حُقُوقِ الْجِيرَانِ، وَهَذَا فَرْعٌ تَلَقَّاهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَنْ نَصِّهِ فِي " الْإِمْلَاءِ " بِإِقْرَارِهِمْ عَلَى مِلْكِ الدَّارِ الْعَالِيَةِ، وَتَلَقَّاهُ أَصْحَابُ أَحْمَدَ عَنْهُمْ، وَلَمْ أَجِدْ لِأَحْمَدَ بَعْدَ طُولِ التَّفْتِيشِ نَصًّا بِجَوَازِ تَمَلُّكِ الدَّارِ الْعَالِيَةِ فَضْلًا عَنْ سُكْنَاهَا، وَنُصُوصُهُ وَأُصُولُ مَذْهَبِهِ تَأْبَى ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ

أَحَدُهَا: لَوْ كَانَ لِلذِّمِّيِّ دَارٌ فَجَاءَ مُسْلِمٌ إِلَى جَانِبِهِ فَبَنَى دَارًا أَنْزَلَ مِنْهَا لَمْ يُلْزَمِ الذِّمِّيُّ بِحَطِّ بِنَائِهِ وَلَا مُسَاوَاتِهِ، فَإِنَّ حَقَّ الذِّمِّيِّ أَسْبَقُ.

وَثَانِيهَا: لَوْ جَاوَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِأَبْنِيَةٍ أَقْصَرُ مِنْ أَبْنِيَتِهِمْ، ثُمَّ انْهَدَمَتْ دُورَهُمْ فَأَرَادُوا أَنْ يُعَلُّوهَا عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الِانْهِدَامِ أَمْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالْحَالِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الذِّمِّيِّ فِي الدَّارِ مَا دَامَتْ قَائِمَةً، فَإِذَا انْهَدَمَتْ فَإِعَادَتُهَا إِنْشَاءٌ جَدِيدٌ يُمْنَعُ فِيهِ مِنَ التَّعْلِيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

وَثَالِثُهَا: لَوْ مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ، وَأَقْرَرْنَاهُمْ عَلَى مِلْكِهَا فَانْهَدَمَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِعَادَتُهَا كَمَا كَانَتْ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَحَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَمْدَانَ وَجْهًا أَنَّ لَهُمْ إِعَادَتَهَا عَالِيَةً اعْتِبَارًا بِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>