للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ دِينِهِ، أَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ، أَوْ أَعَانَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِدَلَالَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَوْ آوَى عَيْنًا لَهُمْ، فَقَدْ نُقِضَ عَهْدُهُ وَأُحِلَّ دَمُهُ وَبَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ ".

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي شَرْطُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ عَلَيْهِمْ أَبَدًا قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ.

وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ أَقْوَالِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ كَانَ تَجْدِيدُ اشْتِرَاطِ الْإِمَامِ شَرْطًا فِي ذَلِكَ لَمَا جَازَ إِقْرَارُ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْيَوْمَ وَمُنَاكَحَتُهُمْ، وَلَا أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ.

وَفِي اتِّفَاقِ الْأُمَّةِ دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ وَعَصْرًا بَعْدَ عَصْرٍ اكْتِفَاءً بِشَرْطِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نَكْتُمُ غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ]

٢٢٢ - فَصْلٌ

قَوْلُهُمْ: " وَلَا نَكْتُمُ غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ "

هَذَا أَعَمُّ مِنْ إِيوَاءِ الْجَاسُوسِ، فَمَتَى عَلِمُوا أَمْرًا فِيهِ غِشٌّ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَكَتَمُوهُ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، وَبِذَلِكَ أَفْتَيْنَا وَلِيَّ الْأَمْرِ بِانْتِقَاضِ عَهْدِ النَّصَارَى لَمَّا سَعَوْا فِي إِحْرَاقِ الْجَامِعِ وَالْمَنَارَةِ وَسُوقِ السِّلَاحِ، فَفَعَلَ بَعْضُهُمْ وَعَلِمَ بَعْضُهُمْ وَكَتَمَ ذَلِكَ وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ وَلِيَّ الْأَمْرِ.

وَبِهَذَا مَضَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاقِضِي الْعَهْدِ، فَإِنَّ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَبَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ لَمَّا حَارَبُوهُ وَنَقَضُوا عَهْدَهُ عَمَّ الْجَمِيعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>