للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ قَوْلُهُمْ وَلَا نُجَاوِزُ الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَانَا]

٢٣٠ - فَصْلٌ

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: " وَلَا نُجَاوِزُ الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَانَا "

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالزَّايِ وَالرَّاءِ، مِنَ الْمُجَاوَزَةِ وَالْمُجَاوَرَةِ، فَإِنْ كَانَ بِالْمُهْمَلَةِ فَالْمَعْنَى اشْتِرَاطُ دَفْنِهِمْ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، لَا تُجَاوِرُ قُبُورُهُمْ بُيُوتَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا قُبُورَهُمْ، بَلْ تَنْفَرِدُ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْعَذَابِ وَالْغَضَبِ، فَلَا تَكُونُ هِيَ وَمَحَلُّ الرَّحْمَةِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لِمَا يَلْحَقُ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ.

وَإِنْ كَانَ بِالْمُعْجَمَةِ فَهُوَ مِنَ الْمُجَاوَزَةِ، وَعَادَةُ النَّصَارَى فِي أَمْوَاتِهِمْ أَنَّهُمْ يُوقِدُونَ الشُّمُوعَ وَيَزُفُّونَ بِهَا الْمَيِّتَ، وَيَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِقِرَاءَةِ كُتُبِهِمْ، وَقَدْ مَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْ تُتْبَعَ جَنَائِزُهُمْ بِنَارٍ خَوْفًا مِنَ التَّشَبُّهِ بِهِمْ.

وَعَلَى رِوَايَةِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا أَمْوَاتَهُمْ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا فِي الطُّرُقِ الْوَاسِعَةِ الَّتِي يَمُرُّ بِهَا الْمُسْلِمُونَ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُونَ الْمَوَاضِعَ الْخَالِيَةَ الَّتِي لَا يَرَاهُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ: إِنْ كَانَتِ الرَّايَةُ بِالزَّايِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ جَوَازِ جَنَائِزِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ يُشْبِهُ مَعْنَى هَذَا فِيمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ دَاوُدَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «رُبَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>