للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ قولهم وَنُوَقِّرُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِهِمْ وَنَقُومُ لَهُمْ عَنِ الْمَجَالِسِ]

٢٥٤ - فَصْلٌ

قَالُوا: " وَنُوَقِّرُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِهِمْ، وَنَقُومُ لَهُمْ عَنِ الْمَجَالِسِ، وَلَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَنُرْشِدُهُمُ الطَّرِيقَ.

هَذِهِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ:

أَحَدُهَا: تَوْقِيرُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِهِمْ، وَالتَّوْقِيرُ التَّعْظِيمُ وَالِاحْتِشَامُ لَهُمْ، وَلَا يَمْكُرُونَ عَلَيْهِمْ بِمَكْرٍ، وَلَا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، وَلَا يَفْعَلُونَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا يُخِلُّ بِالْوَقَارِ وَالْأَدَبِ، وَيُحَيُّونَهُمْ بِتَحِيَّةِ أَمْثَالِهِمْ، وَلَا يَمُدُّونَ أَرْجُلَهُمْ بِحَضْرَتِهِمْ، وَلَا يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

الثَّانِي: قَوْلُهُمْ: " وَنَقُومُ لَهُمْ عَنِ الْمَجَالِسِ " أَيْ: إِذَا دَخَلُوا وَنَحْنُ فِي مَجْلِسٍ قُمْنَا لَهُمْ عَنْهُ وَأَجْلَسْنَاهُمْ فِيهِ، فَيَكُونُ لَهُمْ صَدْرُهُ وَلَنَا أَدْنَاهُ، وَهَذَا يَعُمُّ الْمَجَالِسَ الْمُشْتَرَكَةَ وَالْمُخْتَصَّةَ بِهِمْ، فَإِذَا دَخَلُوا عَلَيْهِمْ دُورَهُمْ وَكَنَائِسَهُمْ قَامُوا لَهُمْ عَنْ مَجَالِسِهِمْ وَأَجْلَسُوهُمْ فِيهَا.

الثَّالِثُ: قَوْلُهُمْ: " وَلَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ " هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ لَا يَعْلُونَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَسْكَنِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بُنْيَانِهِمْ أَوْ بُنْيَانِ غَيْرِهِمْ، فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ سُكْنَى دَارٍ عَالِيَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إِلَى اطِّلَاعِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا الَّذِي نَدِينُ اللَّهُ بِهِ وَلَا نَعْتَقِدُ غَيْرَهُ، أَنَّهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنَ السُّكْنَى عَلَى رُءُوسِ الْمُسْلِمِينَ بِحَالٍ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَوْفَاةً، وَبَيَّنَّا أَنَّ الْمَفْسَدَةَ فِي نَفْسِ الْمُسْلِمِينَ لِقُصُورٍ فِيهِمْ لَا فِي نَفْسِ الْبِنَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>