للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَالَفُوا شَيْئًا مِمَّا صُولِحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ نَكْثٌ مَأْخُوذٌ مِنْ نَكْثِ الْحَبْلِ وَهُوَ نَقْضُ قُوَاهُ، وَنَكْثُ الْحَبْلِ يَحْصُلُ بِنَقْضِ قُوَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يَحْصُلُ بِنَقْضِ جَمِيعِ الْقُوَى، لَكِنْ قَدْ يَبْقَى مِنْ [قُوَاهُ مَا [يَتَمَسَّكُ بِهِ الْحَبْلُ، وَقَدْ يَهِنُ بِالْكُلِّيَّةِ.

وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ مِنَ الْمُعَاهِدِ قَدْ تُبْطِلُ الْعَهْدَ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى تَجْعَلَهُ حَرْبِيًّا، وَقَدْ تُشَعِّثُ الْعَهْدَ حَتَّى تُبِيحَ عُقُوبَتَهُمْ، كَمَا أَنَّ فَقْدَ بَعْضِ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِمَا قَدْ يُبْطِلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَدْ يُبِيحُ الْفَسْخَ وَالْإِمْسَاكَ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: " يَنْتَقِضُ الْعَهْدُ بِجَمِيعِ الْمُخَالَفَاتِ ". فَظَاهِرٌ عَلَى قَوْلٍ قَالَهُ الْقَاضِي فِي " التَّعْلِيقِ ".

وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّهُمْ لَوْ أَظْهَرُوا مُنْكَرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مِثْلَ: إِحْدَاثِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَرَفْعِ الْأَصْوَاتِ بِكُتُبِهِمْ وَالضَّرْبِ بِالنَّوَاقِيسِ وَإِطَالَةِ الْبِنَاءِ عَلَى أَبْنِيَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِظْهَارِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَكَذَلِكَ مَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ تَرْكُهُ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْمُسْلِمِينَ فِي مَلْبُوسِهِمْ وَمَرْكُوبِهِمْ وَشُعُورِهِمْ وَكُنَاهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>