للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْلُ هَؤُلَاءِ الْقِبْطِ؟ فَقُلْتُ: هُمْ بَقِيَّةُ الْفَرَاعِنَةِ الَّذِينَ كَانُوا بِمِصْرَ، وَقَدْ نَهَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ اسْتِخْدَامِهِمْ، فَقَالَ: صِفْ لِي كَيْفَ كَانَ تَنَاسُلُهُمْ فِي مِصْرَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا أَخَذَتِ الْفُرْسُ الْمُلْكَ مِنْ أَيْدِي الْفَرَاعِنَةِ قَتَلُوا الْقِبْطَ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا مَنِ اصْطَنَعَتْهُ يَدُ الْهَرَبِ وَاخْتَفَى " بِأَنْصِنَا " وَغَيْرِهَا، فَتَعَلَّمُوا طِبًّا وَكِتَابًا، فَلَمَّا مَلَكَتِ الرُّومُ مُلْكَ الْفُرْسِ كَانُوا سَبَبًا فِي إِخْرَاجِ الْفُرْسِ عَنْ مُلْكِهِمْ، وَأَقَامُوا فِي مَمْلَكَةِ الرُّومِ إِلَى أَنْ ظَهَرَتْ دَعْوَةُ الْمَسِيحِ.

وَفِيهِمْ يَقُولُ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانٍ مِنْ قَصِيدَةٍ لَهُ يَمْدَحُ بِهَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيَحُثُّهُ عَلَى قَتْلِهِمْ وَيُغْرِيهِ بِهِمْ.

يَا عَمْرُو قَدْ مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِصْرَنَا ... وَبَسَطْتَ فِيهَا الْعَدْلَ وَالْإِقْسَاطَا

فَاقْتُلْ بِسَيْفِكَ مَنْ تَعَدَّى طَوْرَهُ ... وَاجْعَلْ فُتُوحَ سُيُوفِكَ الْأَقْبَاطَا

فَبِهِمْ أُقِيمَ الْجَوْرُ فِي جَنْبَاتِهَا ... وَرَأَى الْأَنَامُ الْبَغْيَ وَالْإِفْرَاطَا

عَبَدُوا الصَّلِيبَ وَثَلَّثُوا مَعْبُودَهُمْ ... وَتَوَازَرُوا وَتَعُدَّوُا الْأَشْرَاطَا

وَبَقِيَ فِي نَفْسِ الْمَأْمُونِ مِنْهُمْ، فَلَمَّا عَادَ إِلَى بَغْدَادَ اتَّفَقَ لَهُمْ مُجَاهَرَةٌ فِي بَغْدَادَ بِالْبَغْيِ وَالْفَسَادِ عَلَى مُعَلِّمِهِ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْكِسَائِيِّ، فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>