للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ تَظَاهَرَتِ السُّنَنُ، وَصَحَّ الْخَبَرُ بِأَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَأَوْجَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ الْخَيْلَ وَالرِّكَابَ، فَعَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إِجْلَائِهِمْ عَنْهَا كَمَا أَجْلَى إِخْوَانَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَلَمَّا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِسَقْيِ نَخْلِهَا وَمَصَالِحِ أَرْضِهَا أَقَرَّهُمْ فِيهَا كَالْأُجَرَاءِ، وَجَعَلَ لَهُمْ نِصْفَ الِانْتِفَاعِ، وَكَانَ ذَلِكَ شَرْطًا مُبِيَّنًا، وَقَالَ: " «نُقِرُّكُمْ فِيهَا مَا شِئْنَا» ".

فَأَقَرَّ بِذَلِكَ الْخَيَابِرَةُ صَاغِرِينَ، وَأَقَامُوا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فِي الْأَرْضِ عَامِلِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ مِنَ الذِّمَامِ وَالْحُرْمَةِ مَا يُوجِبُ إِسْقَاطَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ دُونَ مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، كَيْفَ وَفِي الْكِتَابِ الْمَشْحُونِ بِالْكَذِبِ وَالْمَيْنِ شَهَادَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَكَانَ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ، وَشَهَادَةُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ بَعْدَ خَيْبَرَ سَنَةَ ثَمَانٍ.

وَفِي الْكِتَابِ الْمَكْذُوبِ أَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْهُمُ الْكُلَفَ وَالسُّخَرَ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى زَمَانِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا عَلَى زَمَانِ خُلَفَائِهِ الَّذِينَ سَارُوا فِي النَّاسِ أَحْسَنَ السَّيْرِ، وَلَمَا اتَّسَعَتْ رُقْعَةُ الْإِسْلَامِ وَدَخَلَ فِيهِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَكَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقُومُ بِعَمَلِ الْأَرْضِ وَسَقْيِ النَّخِيلِ، أَجْلَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْيَهُودَ مِنْ خَيْبَرَ مُمْتَثِلًا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَخْرِجُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ "، وَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>