للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة: توافقوا في الغزو أن يتخارجوا النفقة من عندهم فيأكلون معا]

مسألة وسئل مالك عن القوم يغزون في سبيل الله ويرابطون، فيعطى رجل ذهبا في سبيل الله ثم ينزلون جميعا، وربما كانوا جماعة فيخرجون خراجا، ويخرج معهم الذي أعطى والذي أعطي؛ أترى على الذي أعطى شيئا فيما يأكل من أجل الذي أعطي في سبيل الله؟ قال: لا بأس بهذا، وليس هذا مما يتقي؛ وقد قال الرسول، - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في لحم بريرة: هو لها صدقة، وهو منها إلينا هدية. وهذا لا بأس به وهو خفيف.

قال محمد بن رشد: استخف إذا توافق في الغزو الذي أعطى والذي أعطي - أن يتخارجوا النفقة من عندهم، فيأكلون معا، ولم ير ذلك مما يتقى - إذا لم يقصد المعطي أن يأكل أكثر مما أخرج؛ وإنما فعلوا ذلك لما لهم فيه من الرفق، وعلى العادة الحسنة في حسن المعاشرة بين الرفقاء في الأسفار؛ فحجته بحديث بريرة ليست ببينة؛ لأن من أعطى شيئا في سبيل الله، فلا يجوز له أن يرجع فيه ولا في شيء منه بوجه من الوجوه: من شراء، أو عطية، أو هبة، أو صدقة؛ لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لعمر بن الخطاب، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذ أراد شراء الفرس الذي كان حمل عليه في سبيل الله، لما أضاعه صاحبه، وأراد بيعه: لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن «الذي يعود في صدقته، كالكلب يعود في قيئه» . وإنما الحجة في جواز ذلك، قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ} [البقرة: ٢٢٠]- الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>