للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما اختلف من حد الوجه في البياض الذي بين الأذن والعارض، فقيل: إنه من الوجه يغسله المتوضئ، وقيل: إنه ليس من الوجه، فلا يجب غسله على المتوضئ، وقيل: يغسله الأمرد ولا يغسله الملتحي، وهذا أضعف الأقاويل، وقيل: إن غسله سنة من سنن الوضوء، وبالله التوفيق.

[مسألة: اللحية من الوجه]

مسألة قلت: فقول مالك: إن اللحية من الوجه، وأرى أن يمر الماء عليها، أرأيت لو أن رجلا غسل وجهه ولم يمر الماء على لحيته، أكان عليه شيء؟ فقال لي: نعم، ذلك واجب عليه بمنزلة مسح رأسه، ومن قصر عن ذلك كانت عليه الإعادة وإن صلى.

قال محمد بن رشد: قد قيل: إنه ليس عليه أن يغسل من لحيته إلا ما اتصل منها بوجهه، وليس عليه أن يغسل ما طال منها واسترسل، وإنه ليس عليه أيضا أن يمسح في وضوئه ما طال من شعره، وزاد على قدر رأسه، وهو ظاهر ما في سماع موسى بن معاوية، عن ابن القاسم، عن مالك. ومن حجة من ذهب إلى أن اللحية ليست بوجه، وأن شعر الرأس ليس برأس، ألا ترى من طالت لحيته لا يقال: طال وجهه، وإنما يقال: طالت لحيته، وكذلك شعر الرأس، وإنما أوجب الله تعالى غسل الوجه ومسح الرأس لا سوى ذلك.

والقول الأول أظهر وأشهر، وهو المعلوم من مذهب مالك وأصحابه في المدونة وغيرها. والدليل على صحته من طريق النظر والقياس أن شعر الرأس واللحية لما نبت في الرأس واللحية وجب أن يحكم له بحكمهما، وإن خرج عن قدرهما، كما أن ما نبت من الشجر في الحرم وجب أن يحكم له بحكم الحرم في أن لا يجوز قطعه، وإن طال حتى خرج من الحرم إلى الحل، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>