للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذلك هناك، في كراهيته للنساء ركوب البحر في الحج، دليل على جوازه عنده للرجال، وهذا هو الذي يدل عليه قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: ٢٢] الآية؛ لأنه يبعد أن يعدد الله على عباده من نعمه ما حظره عليهم ولم يبحه لهم، ويدل عليه من السنة حديث أنس بن مالك: «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نام عند أم حرام، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ فقال: ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج البحر ملوكا على الأَسِرّة، أو مثل الملوك على الأسرة» ، الحديث، وفي دعاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأم حرام أن يجعلها منهم بسؤالها إياه، ذلك دليل على جواز ركوبه للنساء، وذلك على الصفة الجائزة، وفي المجموعة لمالك من رواية ابن القاسم عنه أنه كره الحج في البحر، إلا لمثل الأندلس الذين لا يجدون من ذلك بُدّا، وقد قيل: إن فرض الحج منسقط عمن لا يقدر على الوصول إلى مكة إلا على البحر؛ لقوله عز وجل: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا} [الحج: ٢٧] الآية؛ إذ لم يذكر إلا هاتين الصفتين، وهو قول شاذ وقول ضعيف؛ لأن مكة ليست في ساحل البحر، فلا يصل أحد إليها إلا راكبا أو راجلا ركب البحر في بعض طريقه، أو لم يركب، وبالله التوفيق.

[مسألة: المرأة تقلد وتشعر]

مسألة وسئل مالك عن قول ابن شهاب في المرأة تقلد وتشعر، قال مالك: أراه خطأ، وقال: لا يقلد ولا يشعر إلا من ينحر، وإني

<<  <  ج: ص:  >  >>