للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعمرة؟ قال: يحج قابلا ويهدي لما أفسد من حجه ويمشي من ميقاته الذي كان أحرم منه للحجة التي أفسد. قلت: ولم ألزمته إعادة المشي من الميقات الذي أحرم منه ورأيت ما مشى من حيث ما كان حلف يجزي عنه؟ قال: إنما يفسد عليه الحج المشي الذي لم يكن يجوز له أن يطأ فيه، وأما مشيه من بلده الذي حلف فيه إلى الميقات الذي أحرم منه فقد كان يجوز له أن يطأ أهله وهو ماش إلى الميقات، ولا يجوز له أن يطأ أهله بعدما يحرم بها، فما كان من المشي لا يجوز له فيه وطء فهو منتقض بما أفسد من حجه الذي مشى، وما كان منه يجوز له فيه الوطء فلا ينتقض عليه بفساد حجه الذي مشى فيه. قلت له: إن الذي ينقطع مشيه في حجتين له أو عمرتين أو حج وعمرة لعجزه عن المشي يهدي، وهذا قد قطع مشيه بما أفسد من حجه، وما وجب عليه من إعادته من الميقات، وعليه هدي لفساد الحج، أيهدي هديا آخر لتبعيض المشي.

قال محمد بن رشد: قوله في أول المسألة: ثم يمضي ماشيا حتى يحل بعمرة في الذي أفسد حجه، وقوله بعد ذلك فيها: أو هل يجزيه مشيه بعد فساد الحج حتى يحل بعمرة، المعنى في ذلك أن الحج فاته بعد أن أفسده، إذ لا يجوز فسخ الحج الصحيح ولا الفاسد في عمرة؛ لأن ما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من أمره في حجة الوداع من لم يكن معه هدي أن يحل بعمرة أمر منسوخ، إنما كان أمر به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ نقضا لما كان عليه أهل الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج، وقد رأيت [لبعض] الشيوخ في حواشي الكتب على هذه المسألة: وقد روي عن مالك أن المفسد لحجه يصير حجه إلى عمرة، وهو غلط، إذ لا يوجد لمالك ذلك ولا لغيره، وأراه وهم في ذلك للفظ وقع في كتاب الحج الثالث من المدونة على ظاهره، أو لمسألة وقعت في النوادر خطأ في النقل. ومساواته بين أن يكون يركب من حيث أفسد حجه

<<  <  ج: ص:  >  >>