للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء عليه، فهذا تحصيل هذه المسألة؛ لأنها تنقسم على أربعة أقسام يتفق على الوجهين منها، وهما إذا كان إسلامهما قبل الدخول وقبل القبض، أو بعد الدخول وبعد القبض، ويختلف في الوجهين منهما، وهما إذا كان إسلامهما قبل الدخول وبعد القبض أو بعد الدخول وقبل القبض على ما قد ذكرناه في ذلك كله.

وقول ابن القاسم في هذه المسألة في المدونة يأتي على قياس قول ابن أبي حازم، وابن دينار في النصرانيين يتبايعان الخمر والخنزير فيسلمان أو أحدهما قبل أن يقض البائع الثمن إنه ليس له قبضه بعد الإسلام، وقول بعض الرواة فيها وقول ابن القاسم وعيسى بن دينار في هذه الرواية يأتي على قياس قول أشهب والمخزومي وابن المواز إن له قبضه بعد الإسلام فتدبر ذلك.

[مسألة: لحكم المسلمين أن يقضي بين أهل الذمة فيما يتظالمون فيه من الأموال]

مسألة قلت: فهل لحكم المسلمين أن يقضي بين أهل الذمة فيما يتظالمون فيه من الأموال أو من البيوع والرهون والغصب؟ فقال: نعم، ذلك الذي يحق عليه، قلت: ففي أي شيء يترك الحكم بينهم؟ قال في حدودهم وعتقهم وطلاقهم وبيع الربا التي يتبايعون بها من الدرهم بالدرهمين، ونحو هذا ونكاحهم ووجه غير واحد، وأما القتل والجراح والغصب والأموال التي يتظالمون بها فإن على حكم المسلمين أن ينظر بينهم.

قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم هذا موافق لما في المدونة وغيرها لمالك وأصحابه لا اختلاف بينهم في أن على حكم المسلمين أن يحكم بينهم فيما يتظالمون فيه، وأنه مخير فيما سوى ذلك من حدودهم ونكاحهم وطلاقهم وبيوع الربا التي يتبايعون بها فيما بينهم إن ترافعوا إليه إن شاء حكم بينهم في ذلك، وإن شاء ترك لقول الله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢] الآية إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: ٤٢] أي بحكم التوراة؛ لأن الآية نزلت في تحكيم اليهود النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في اللذين

<<  <  ج: ص:  >  >>