للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجملتها تقتضي أن تقليل الماء مع إحكام الغسل هو المختار في الوضوء والغسل، وأنه لا حد في ذلك من الماء يجب الاقتصار عليه. ومن الناس من ذهب إلى أنه لا اختلاف في الأحاديث في مقدار ما كان يتوضأ به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويغتسل من الماء، فصرفها كلها بالتأويل إلى حديث أنس بن مالك بأن قال: يحتمل أنه أراد بالمكوك المد، فقوله: إنه كان يتوضأ بالمكوك هو مثل ما في حديث عائشة من أنه كان يتوضأ بالمد. وقوله: إنه كان يغتسل بخمس مكاكي، يريد أنه كان يتوضأ أولا بمكوك منها، ثم يغتسل بالأربعة مكاكي، مثل ما في حديث عائشة من أنه كان يغتسل بالصاع؛ لأنه يحتمل أن تكون أرادت أنه كان يغتسل بالصاع بعد أن كان يتوضأ بالمد. وقول عائشة: «كنت أغتسل أنا ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من إناء هو الفرق» يحتمل أن لا يكون الفرق مملوءا من الماء، وأن يكون فيه قدر صاعين ومدين فيتوضأ، كل واحد منهما في أول غسله بمد، ثم يغتسل بأربعة أمداد وهو صاع، وما روي من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يغتسل من إناء هو الفرق، يحتمل أن يكون كان يغتسل منه بقدر الصاع، ويفضل من الماء فيه بعد غسله منه قدر صاعين، ويحتمل أن لا يكون مملوءا من الماء، وأن يكون قدر صاع لا أكثر. والذي ذكرته أولا هو الصحيح، ولا يمتنع عندي أن يكون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يغتسل أيضا في بعض المرات بأكثر من ثلاثة آصع، بل هو الظاهر من حديث الموطأ في صفة غسله «أنه كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبدأ فيغسل يديه، ثم يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعر رأسه، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله» ، والله أعلم.

[المسح على الخفين في الحضر والسفر]

من مسائل نوازل سئل عنها أصبغ بن الفرج قال: شهدت ابن وهب في داره بالفسطاط توضأ، ومسح على

<<  <  ج: ص:  >  >>