للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلان، وزعم أن الآخرين سرقت ثيابهم أترى أن يصدق في مثل هذا؟ قال: أرى أن يحلف أصحاب ذلك المتاع أن ذلك المتاع لهم فيأخذونه.

قال محمد بن رشد: اختلف في المفلس يقر بعد التفليس بشيء بعينه من قراض أو وديعة، وما أشبه ذلك لمن لا يتهم عليه فقيل: إن إقراره لا يجوز، وهو قول ابن القاسم في آخر كتاب الوصايا الثاني من المدونة، وفي رسم البيع والصرف من سماع أصبغ من كتاب المديان والتفليس، وأحد قولي مالك في أول سماع ابن القاسم وفي سماع أشهب منه، وقال: يقال له: أفسدت أمانتك، ولعلك أن تخص هذا أو تواتيه ليرد عليك، وقيل: إن ذلك جائز يريد مع يمين المقر لهم، وهو أحد قولي مالك في رسم العرية من سماع عيسى منه أيضا، قاله في الصانع يفلس، ولا فرق في هذا بين الصانع وغيره، وفي المسألة قول ثالث: إنهم يصدقون إن كانت على الأصل بينة، وهو قول ابن القاسم في سماع أبي زيد منه أيضا، وأما إذا سرقت بيوتهم، وأحرقت من غير سببهم، فلا اختلاف أن إقرارهم بالمتاع جائز لأهل المتاع مع أيمانهم؛ لأن أمانتهم لم تفسد، فقوله في هذه الرواية: أرى أن يحلف أصحاب المتاع أن ذلك المتاع لهم ويأخذونه صحيح لا اختلاف فيه، إذا علم أن بيوتهم سرقت، ولا اختلاف في أنه لا يقبل قول المفلس بعد التفليس فيما يقر به من دين في ذمته، وأما قبل أن يفلس ويقام عليه، فيجوز ما أقر به لمن لا يتهم عليه من دين دون يمين ومن قراض أو وديعة أو شيء بعينه أو ما شبه ذلك من دين على أبيه مع يمين المقر لهم، قال ذلك في آخر كتاب الوصايا الثاني من المدونة.

وقد كان بعض الشيوخ لا يفرق في اليمين بعد الدين والشيء المعين، فيوجب اليمين في الوجهين، ومنهم من يرى ذلك اختلافا من القول في الوجهين، والصواب الفرق بينهما؛ لأنه إذا أقر بشيء بعينه فقد خص به المقر له دون الغرماء، فوجب أن يحلف، وإذا أقر بدين فلم يخصه دونهم؛ لأنه أسوة معهم فلم يجب عليه يمين، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>