للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلها من خدمه ولا من ثيابه إلا أن يقول له: اشتر لي ثوبا ألبسه أو جارية تخدمني، فحينئذ ينظر إن كان ذلك يشبه أن يكون من خدمه أو من ثيابه على ما قال ابن القاسم، فكذلك يلزم على مذهبه في استعمال الخفين وخياطة الثوب وعمل القلنسوة أن يلزمه ما عمل من ذلك، وإن كان ذلك لا يشبه أن يكون من لباسه إلا أن يقول له: اعمل لي خفين ألبسهما وثوبا ألبسه أو قلنسوة ألبسها فحينئذ ينظر إلى ما قال ابن القاسم، فلا يلزمه شيء من ذلك إذا لم يشبه أن يكون من لباسه، وأما الذي يأتي بالثوب إلى الصباغ فيقول له: اصبغ هذا الثوب، ولا يبين له أي لون يصبغه، فقال ابن القاسم: إنه إن صبغه بغير إذنه فهو ضامن صحيح على أصله في مسائل الشراء والاستعمال أنه لم يحمل قوله: اشتر لي جارية أو عبدا أو اصنع لي خفين أو قلنسوة على التفويض إليه في أن يشتري له أي جنس رآه، وفي أن يعمل له أي صفة رآها، وإنما حمله على أنه إنما أمره بما يشبه من ذلك كله فوجب لما كانت الألوان تختص به اختصاصا واحدا ليس بعضها يشبهه، وبعضها لا يشبهه أن يضمن إذا صبغ له الثوب باختياره إذ لم يفوض ذلك إليه، ويأتي على مذهب أشهب في مسائل الشراء أنه لا ضمان عليه؛ لأنه إذا حمل قوله في الشراء اشتر لي ثوبا على التفويض إليه في أن يشتري له أي ثوب رآه من الثياب كان مما يشبه لباسه أو لا يشبهه، فكذلك يحمل قوله: اصبغ لي هذا الثوب على التفويض إليه في أن يصبغه له أي صبغ رآه، وذلك في الصباغ أبين منه في الثياب؛ لأن الألوان تختص به في اللباس اختصاصا واحدا أو من جنس الاختصاص بخلاف الثياب، ووقع في بعض الروايات: وهو بمنزلة الرجل يقول للرجل: اشتر لي خادما فاشترى له جارية، وفي بعضها: وهو بمنزلة الرجل يقول: اشتر لي خادما أو اشتر لي جارية، فالرواية الأولى تعود إلى مسألة الصباغ يريد أنه يكون متعديا إذا صبغ بغير أمره بمنزلة إذا أمره أن يشتري له خادما، فاشترى له جارية، والرواية الثانية تعود إلى مسألة الاستعمال يريد أنه لا يضمن إذا عمل له خفين يشبه لباسه كما لا يضمن إذ قال له: اشتر لي خادما أو اشتر لي جارية، فاشترى له جارية تشبهه أو خادما تشبهه، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>