للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتوابيت، فوجب أن يكون القول للحائك؛ لأنه مدعى عليه، وقد أحكمت السنة أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، وقد رأيت لابن دحون في هذه المسألة كلاما فيه نظر لا يصح عند التفصيل إنما وجب التحالف، والتفاسخ؛ لأن الأداة والحجارة والخشب من عند البناء، فصار كرجل باع سلعة بثمن، فقال المشتري: أكثر من هذا القدر اشتريت منك، فوجب التحالف والتفاسخ، فأما لو كانت الحجارة والخشب والآلة من عند صاحب الدار كان القول قول البناء؛ لأنه أجير للبائع، فالقول قول صاحب الدار في الأجرة إلا أن يقبض الأجير أجرته، فيكون القول قوله أيضا كالمتكاريين يختلفان في الأمد والأجرة، ولذلك قال في الحائك: القول قوله؛ لأن الغزل من عند رب الثوب، والحائك إنما هو أجير ليس ببائع شيئا، ولو كان الغزل من عند الحائك كان سلما في ثوب موصوف، فإذا اختلفا في طوله وعرضه تحالفا وتفاسخا على الأصل الأول؛ لأنه بيع اختلفا في قدره، وقد قيل: إنه سلم في صفة فالقول قول المسلم إليه، وقيل: إنه ليس من باب السلم؛ لأن تأخير النقد فيه جائز، وإنما هو بيع، وقيل: المسألة حائلة لعدم الأجل وتأخير النقد.

قال محمد بن رشد: هذا نص قول ابن دحون، وهو كلام مدخول من ذلك أنه قال: إنما وجب التحالف والتفاسخ؛ لأن الأداة والحجارة والخشب من عند البناء فصار كمن باع سلعة وادعى المشتري أكثر منها.

ولو كان هذا معنى المسألة لما وجب أن يفسخ الجميع بالتحالف؛ لأن ما بنى البناء من ذلك قد أفاته بالبناء وجعل صاحب البقعة قابضا له؛ لكونه مبنيا بأمره في البقعة، فوجب أن يكون القول فيه قول المشتري وينفسخ الباقي على أصولهم في اختلاف المتبايعين في عدد السلع وقد قبض المشتري بعضها أو في المتكاريين في مدة كراء الدار وقد مضى بعضها.

ومن ذلك أنه قال: ولو كانت الحجارة والآلة والخشب من عند صاحب الدار كان القول قول البناء كالمتكاريين يختلفان في الأمد والأجرة، وذلك ما لا يصح؛ لأن المتكاريين متفقان على النوع مختلفان في قلة وكثرة، ومسألتنا إنما الاختلاف فيها في الأنواع، وإنما كانت تشتبه المسألتان لو قال البناء قاطعتك على بنيان بيت خمسة في خمسة، وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>