للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذا زوج الرجل وليته البكر أو الثيب وابنته الثيب أو ابنه البكر أو الرجل الأجنبي في مغيبهم فلا يخلو أمره من ثلاثة أحوال: أحدها أن يزعم في حين العقد أنه أذن له فيه، والثاني أن يزعم أنه لم يؤذن له فيه، والثالث أن لا يذكر إن كان مأذونا له في العقد أو مفتاتا على الغائب فيه، فأما إذا زعم في حين العقد أنه أذن له فيه الغائب أو الغائبة فلا اختلاف أن النكاح لا يفسخ حتى يقدم الغائب ويعرف ما عنده، فإن صدقه فيما ادعى عليه من الإذن جاز النكاح وإن بعد، وإن أنكر وقال: لم آمره ولا أرضى بالنكاح حلف ولم يلزمه، وقيل لا يمين عليه، وإن قال لم آمره ولكني أرضى بالنكاح جاز النكاح في القرب دون البعد على المشهور في المذهب، وهو مراده في هذه الرواية لأن قوله فيها وإن قال لم آمره ولكني أرضى به الآن ورضي به الأب فذلك غير جائز معناه إذا بعد الأمد، وقد مضى فوق هذا ما في ذلك من الاختلاف، وأما إن زعم حين العقد أنه لم يؤذن له فيه وأنه مفتات في عقده فالنكاح فاسد قرب أو بعد، ولا اختلاف في ذلك، وقد مضى وجه ذلك، وأما إن عقد وسكت ولم يبين شيئا فهو محمول على أنه وكل حتى يثبت خلاف ذلك، وذلك بين من قوله في هذه الرواية ولا يؤخذ بقول الخاطب حتى يكون في ذلك الثبت الذي لا شك فيه، ولا خلاف في هذا أحفظه نصا، قال أصبغ في كتاب محمد: وكذلك أحسبه قال في الرجل يزوج ابنة الرجل البكر، وقال محمد ذلك في الأب في ابنته البكر والسيد في أمته أثقل فيهما من غيرهما، وفي سماع أصبغ عن أشهب أن النكاح لا يجوز على حال، وإن زعم المزوج أن الأب وكله على ذلك وإن صدقه الأب فلا يصدق، فحمله على الافتيات حتى يثبت أنه وكله على تزويجها قبل عقد النكاح، وهو الذي يأتي على مذهب ابن القاسم في المدونة لأنه قال فيها: إن زوج الأخ أخته البكر في حجر أبيها لم يجز وإن أجازه الأب إلا أن يكون كالولد القائم بأمره المدبر لشأنه،. وذهب أبو إسحاق التونسي إلى أنه لا فرق في القياس بين ذلك، فإما أن يحمل الأمر على التوكيل في الجميع فيجوز، وإما أن يحمل على الافتيات في الجميع فلا يجوز، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>