للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحمالة؟ قال ابن القاسم: أخبرني بعض من أثق به أن بعض أهل الفضل قد أجازه، ولست أرى ذلك، وأحب إلي أن يقدم لها ربع دينار.

قال محمد بن رشد: أجاز له الدخول بالرهن وكره ذلك بالهدية، وأجاز له ابن حبيب الدخول بالهدية، وروى مثله ابن نافع عن مالك في المبسوط، وفي كتاب ابن المواز لمالك أن من تزوج امرأة بدين له على رجل فلا يدخل بها حتى يقبض من ذلك ثلاثة دراهم يدفعها إليها، وقال أيضا: له أن يدخل وإن لم تقبض شيئا لأنه حق لها لو شاءت باعته وقبضت ثمنه، فعلى القول بأنه لا يدخل بها إذا تزوجها بالدين يكون له على رجل حتى تقبض من ذلك ثلاثة دراهم لا يجوز له أن يدخل بها أيضا بالرهن لأن ذلك أحرى أن لا يجوز، ولم ير ابن القاسم له أن يدخل بالحمالة، وحكى عن بعض أهل الفضل أنه أجازه، فحصل الاختلاف في هذه المسائل كلها، وأخفها الدخول بالدين، والأظهر أن الدخول به جائز لأنه حق قد وجب لها لو شاءت باعته وأخذت ثمنه، والقول بأنه لا يدخل به بعيد، فمن لم ير له الدخول به حتى يقبض منه ثلاثة دراهم فأحرى أن لا يجيز له الدخول في سائر المسائل، ويليه الدخول بالرهن لأنها قد قبضت ما هي أحق به من الغرماء في الموت والفلس، وأشدها الدخول بالحمالة؛ لأن ذمة الحميل كذمة الزوج ولم تقبض شيئا، والأظهر أنه لا يدخل بها، فمن أجاز له الدخول بها فأحرى أن يجيز له الدخول بها في سائر المسائل، وأما الرهن فوجه إجازة الدخول به هو أنها قبضته لتستوفي صداقها منه، وهي أحق به من الغرماء في الموت والفلس، وقد قيل: إن من حلف أن يقبض حقه يبر بالرهن، وأما الهدية فوجه قوله: إنه لا يدخل بها هو ما ذكره من أنها ليست من الصداق، ولو طلقها لم يكن له منها شيء وإن كانت قائمة ولو ألفى النكاح مفسوخا لم يكن له إلا ما أدرك منها، وبالله التوفيق.

تم كتاب النكاح الثاني

والحمد لله حق حمده، والصلاة الكاملة على سيدنا محمد نبيه وعبده.

<<  <  ج: ص:  >  >>