للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: قوله: إنها لا يجوز لها أن تقضي من مهرها ديونها، إلا أن يكون الشيء التافه اليسير، الدينار ونحوه، ومثل ما قال في كتاب الديات من المدونة. ولمالك في كتاب ابن المواز: إلا أن يكون الشيء اليسير مثل الدينارين والثلاثة، وليس ذلك باختلاف من القول، وإنما ذلك على قدر قلة الصداق وكثرته، فقد يكون صداقها الدينارين والثلاثة، فيكون الدينار الواحد من ذلك كثيرا، وقد يكون صداقها ألف دينار، فتكون العشرة من ذلك أو أكثر قليلا، وهذا كله صحيح على أصله، في أن المرأة يلزمها أن تتجهز لزوجها بصداقها، ولم يجد على الكالئ هل يكون حكمه في ذلك حكم النقد أم لا؟ فأما إذا كان أجله بعد البناء فلا إشكال في أنه لا حق فيه للزوج، وأنه لا يلزم المرأة أن تتجهز به إلى زوجها، فلغرمائها إذا قاموا عليها بديونهم قبل البناء أن يبيعوه بالنقد في ديونهم، وأن يقتضوه إن كان قد حل قبل البناء بتأخر البناء عن الوقت الذي جرت العادة أن يبني أهل البلد إليه، وأما إن كان أجله إلى قبل البناء، فحكمه حكم النقد، وإن تعجل قبل حلوله، وكذلك إن كان النقد عرضا يلزمها أدن تبيعه فيما تتجهز به إلى زوجها، إلا أن يكون العرض مما يقصد إلى اقتنائه، كالسياقات وشبهها. وظاهر قوله: إذا قام الغرماء عليها بعد الدخول وأرادوا بيع جهازها في ديونهم، أنه فرق بين أن يكون الديون حادثة بعد الدخول أو قديمة قبله، وليس المعنى في ذلك لا الطول، وإنما قال: إن جهازها يباع فيما تحدثت بعد الدخول من الديون؛ لأن الأغلب أن ذلك لا يكون إلا في الطول، فإذا قاموا بعد أن طالت المدة، وكان الزوج قد استمتع بجهازها ما له قدر وبال من الاستمتاع، كان لهم أن يقبضوا منه حقوقهم، كانت ديونهم حادثة بعد الدخول أو قديمة قبله، وإن قاموا بحدثان دخول زوجها بها وتجهزها إليه، لم يكن لهم أن يقبضوا ديونهم من جهازها، وإن كانت حادثة بعد الدخول، للحق الذي للزوج من الاستمتاع بما نقدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>