للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعة في كرة واحدة، لا بد أن يفوته سماع ما يقرأ به بعضهم، ما دام يصغي إلى غيرهم، ويشتغل بالرد على الذي يصغي إليه، فقد يخطئ في ذلك الحين، ويظن أنه قد سمعه، وأجاز قراءته فيحمل عنه الخطأ، ويظنه مذهبا له. ووجه تخفيفه ذلك للمشقة الداخلة على المقرئ بإفراد كل واحد من القراء عليه إذا كثروا. ووجه تحسينه لذلك في هذه الرواية إنما معناه، والله أعلم، إذا كثر القراء عليه حتى لم يقدر أن يعم جميعهم مع الإفراد، فرأى جمعهم في القراءة أحسن من القطع ببعضهم، فهذا تأويل ما ذهب إليه عندي، والله أعلم.

[مسألة: عشور المصحف وتزيينه بالخواتم]

مسألة وسئل عن عشور المصحف، فقال: يعشر بالسواد، وأكره الحمرة، وذكر تزيين المصاحف بالخواتم فكرهه كراهية شديدة، فقيل له: فالفضة؟ قال: الفضة من ورائه، ولم ير به بأسا، ثم قال: إني لأكره لأمهات المصاحف أن تشكل، وإنما أرخص فيما يتعلم فيه الغلمان، فأما الأمهات فإني أكرهه.

قال محمد بن رشد: قوله: من ورائه، أي من خارجه، يريد أنه لا بأس أن تحلى أغشيته بالفضة، ويروى من روائه أي من زينته، يريد زينة أعلاه وخارجه. وقد اختلف قوله في إجازة تحليته بالذهب، فأجاز ذلك في كتاب ابن المواز، وهو ظاهر ما في كتاب البيوع من موطاه، وكرهه في كتاب ابن عبد الحكم. ووجه كراهيته لتزيين داخله بالخواتم وتعشيره بالحمرة بين، وذلك أن القارئ فيه ينظر إلى ذلك، فيلهيه ويشغله عن اعتباره وتدبر آياته. «وقد جعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نعليه شراكين جديدين، ثم نزعهما ورد فيهما الخلقين، وقال: "إني نظرت إليهما في الصلاة» ، «وصلى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في

<<  <  ج: ص:  >  >>