للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطأ إلا من عصمه الله؛ لأن المسألة ليست بمنزلة من قال: أنت طالق إن لم أتزوج عليك كما قال، فلا يبر إلا بالدخول، وإنما هو بمنزلة من قال: إن تزوجت عليك فهي طالق إن لم أتزوج عليك؛ لأنه لم يطلق إلا الثانية لا الأولى، فوجب أن يطلق بأقل ما يقع عليه اسم زواج، وهو العقد على ما قالوا بأن الحنث يدخل بأقل الوجوه، والبر، لا يكون إلا بأكمل الوجوه وبالله التوفيق.

[مسألة: جعل أمر امرأته بيد رجل غائب]

مسألة وسئل عن رجل جعل أمر امرأته بيد رجل غائب.

قال: يعزل عن امرأته ولا يطأ فإن رفعت امرأته أمرها إلى السلطان ضرب له أجل المولى، فإن حل الأجل ولم يختبر ما عند الرجل الذي جعل أمر امرأته بيده طلق عليه السلطان، فإن ارتجع فذلك له، فإن علم أن الرجل أبى أن يطلق امرأته كانت رجعة ثابتة، وإن طلق عليه كانت طلقة أخرى وقعت عليه؛ لأنه كأنه أردف طلاقا على طلاق أيضا في ذلك الرجعة إن أحب ذلك ولم يجتزئ برجعة الأولى الذي طلق عليه الذي ملكه أمرها، وإن انقضت عدتها من طلاق الإيلاء قبل أن يعلم ما صنع الرجل المملك في أمرها فقد بانت منه وتكون أملك بنفسها.

قال محمد بن رشد: قد روي عن مالك مثل قول سحنون هذا، وحكاه ابن المواز عن ابن القاسم، والمعنى فيه بين، وإنما قال: إنه يعزل عن امرأته ولا يطأ من أجل أنه لا يجوز له أن يطأ امرأة قد جعل طلاقها بيد غيره حتى يعلم ما عنده، فيطلق أو يرد، ولما كان الامتناع من الوطء بسببه دخل عليه الإيلاء إن طلبت المرأة المسيس، وفيئته في هذا الإيلاء هي أن يعلم ما عند الرجل فيطلق أو يرد، لا يسقط عنه الإيلاء ولا تصح له الرجعة إذا طلق عليه به إلا بذلك، فإن طلق عليه بالإيلاء فارتجع ولم يعلم ما صنع الرجل المملك في أمرها حتى انقضت العدة بانت منه، كما لو لم يرتجع، وإن أبى أن يطلق

<<  <  ج: ص:  >  >>