للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الوجوب بعد أن أوجب المبتاع البيع للبائع ولم يوجبه له البائع بقوله: كأنه حمله على وجه المساومة، وفيه تفسير من البيع يريد أنه أخذ بشبه من المساومة إذ لم يتم البيع بينهما، وأخذ بشبه من البيع، إذ قد لزم أحدهما، والقياس أن يغلب أحد الوجهين، أما الوجوب فلا يجوز أن يحاسبه بالنقصان بالطعام، كما لا يجوز أن يأخذه به فلوسا، وأما المساومة إذا لم يجب البيع بينهما بإيجاب كل واحد منهما إياه لصاحبه فيجوز أن يحاسبه بالنقصان في الطعام وأن يأخذ به منه فلوسا، وأما إن كان في المراوضة قبل أن يوجب البيع واحد منهما لصاحبه فذلك جائز لا بأس به كما قال؛ لأن البيع إنما تم بما عقدا عليه آخرا فلا إشكال في جواز ذلك، فالمسألة على هذا التأويل في الدينار الوازن الذي له فضل في عينيه على الناقص تنقسم على هذه الثلاثة الأقسام وهي أن يكون ذلك الفعل بعد أن أوجب كل واحد منهما البيع لصاحبه وأن يكون قبل أن يوجبه واحد منهما لصاحبه وأن يكون قد أوجبه أحدهما ولم يوجبه الآخر له، وقد مضى تفسير ذلك والحكم فيه.

والتأويل الثاني أن يكون تكلم في هذه المسألة على أن للدينار الوازن فضلا في عينه على الناقص، وتكلم في مسألة رسم المحرم على أن الدرهم الكيل الوازن للأفضل له في عينه على الناقص فأجاز لما لم يكن له في عينه فضل على الناقص أن يأخذ الناقص ويحاسبه بقدر النقصان في الطعام، وأشبه عنده من اشترى حنطة بدرهمين فأقاله من أحدهما، ولم يقو عنده قوة الدرهمين إذ يجوز لمن كان له على رجل درهمان وازنان أن يأخذ منه أحد درهميه وبالآخر فلوسا ولا يجوز لمن له علي رجل درهم وازن أن يأخذ منه نصف درهم وبالنصف الآخر فلوسا إلا أنه أجازه مراعاة لقول من يرى الخيار من المتبايعين ما لم يتقاضيا أو يتفارقا، وهو معنى قوله: كأنه حمله على وجه المساومة، وفيه تفسير من البيع.

وهذا التأويل أظهر وأولى وأحسن من التأويل الأول والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>