للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة فيها أفضل ورأى فيما سواها الجلوس لمذاكرة العلم أفضل، لا سيما بين الظهر والعصر، لقول سعيد بن المسيب فيها ليست عبادة، أي ليست عبادة من العبادات المرغب فيها، لا أنها ليست عبادة أصلا، ولما جاء من أن عمر بن الخطاب كان إذا صلى الظهر جلس للناس يحدثهم بما يأتيه من أخبار الأجناد ويحدثونه عن أحاديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فهو قول له وجه والله أعلم.

وروي عن سحنون أنه قال: يلزم أثقلهما عليه. ووجه قوله أن الأدلة استوت عنده من ناحية السمع في الأفضل من ذلك، فرجع إلى ما يوجبه النظر مما قد قرره الشرع من أن الأجود في الأعمال يكون على قدر النصب والعناء فيها، وبالله التوفيق.

[مسألة: الذي يصيبه الوعك أيجمع الصلوات كلها]

مسألة وسئل مالك عن الذي يصيبه الوعك، أيجمع الصلوات كلها؟ فقال: إن أصابه ذلك بعد أن تزيغ الشمس فليصل الظهر والعصر جميعا، فإن أفاق من الليل صلى المغرب والعشاء جميعا فيما بينه وبين طلوع الفجر.

قال محمد بن رشد: معنى هذه المسألة في الوعك الشديد الذي يشبه المغلوب على عقله فلا يقدر معه على الصلاة. وقوله إن أصابه ذلك بعد أن تزيغ الشمس فليصل الظهر والعصر، معناه إن كان من عادته أن يصيبه ذلك بعد أن تزيغ الشمس فليصل الظهر والعصر جميعا إذا زاغت الشمس قبل أن يصيبه مخافة أن يصيبه فلا يقدر على الصلاة.

ويدل على هذا التأويل قوله في آخر المسألة: فإن أفاق من الليل صلى المغرب والعشاء جميعا فيما بينه وبين طلوع الفجر؛ لأن الذي يقدر على الصلاة مع مرضه إلا أن الجمع به أرفق لا يباح له أن يؤخر المغرب والعشاء إلى عند طلوع الفجر، ويؤمر أن يجمع بينهما عند مغيب الشفق، إلا أن هذا الذي معه عقله إن خشي مغيب الشمس ولم يصل الظهر والعصر أو طلوع الفجر ولم يصل المغرب والعشاء

<<  <  ج: ص:  >  >>