للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمان ذلك صحيح أيضا، واعتراض أصبغ عليه في تنظيره واحتجاجه ليس بصحيح، وذلك أنه لا يجوز أن يبيع الرجل بالبراءة ما يجهل عيوبه لأن عليه أن يبين ما يعلم منها فيبرأ مما لم يعلم، فإذا باع ما يجهل عيوبه بالبراءة كان ذلك غررا فقال ابن القاسم: إن بيع الإبل الصعاب التي لا تؤخذ إلا بالأوهاق على البراءة مما بها من العيوب لا يجوز لوجهين: أحدهما الغرر لما يخشى من انكسارها في أخذها، والثاني أنه لا يعرف ما فيها من العيوب لصعوبتها ولا إن كان بها عيب أم لا، فوجب ألا يجوز كما لا يجوز بيع المهارات والفلاء الصعاب بالبراءة إذا كان لا يعرف ما فيها من العيوب ولا إن كان بها عيب أم لا إذ لم يختبر ذلك منها، وكما لا يجوز بيع السلعة الغائبة على الصفة أو على الرؤية المتقدمة على البراءة مما حدث بها بعد مغيب البائع عنها أو بعد رؤية البائع لها إلى حين العقد عليها وقد طال زمان ذلك، وقوله صحيح لائح لا وجه للاعتراض فيه. ورأى أصبغ بيع المهارات والفلاء الصعاب بالبراءة جائزا وإن كان البائع لها لا يعلم هل بها عيب أم لا إذا لم يختبر ذلك منها، وأن بيع السلعة الغائبة على الصفة بالبراءة وإن طال عهده بها طولا يمكن أن يحدث بها عيوب فيه جائز ما لم يشترط أني بريء من كل ما حدث بها مما لم أعلمه، ولذلك اعترض على ابن القاسم، ولا يلزمه اعتراضه لأنه لا يجيز شيئا من ذلك، وهو الصحيح المعلوم من قول مالك. ولهذا المعنى لم يجز للرجل أن يبيع بالبراءة ما اشترى بيع الإسلام وعهدة الإسلام، وقال في أول رسم من سماع أشهب من كتاب العيوب في ذلك يعمد الرجل إلى العبد فيشتريه بيع الإسلام وعهدة الإسلام ولا يحب أن يخبر بشيء من عيوبه ولا يقيم في يديه كبير شيء حتى يعمد إليه فيبيعه بالبراءة فيحكم على المشتري بما لا يدري كيف هو، فامنعهم من ذلك أشد المنع، وافسخ ذلك بينهم، يقول ذلك لصاحب السوق، وقال في رسم تسلف من سماع ابن القاسم منه إن بيع الثياب في الجراب بالبراءة لا خير فيه لأنه لا يستطاع أن يدرك معرفته، وقد مضى القول على هذا في الموضعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>