للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضي، أو يلتقط جزءا نصفا أو ثلثا نظر، فقد رأيت في مسائل منتخبة لابن لبابة، قال ابن القاسم: كل ما جاز بيعه جاز الاستئجار به، وجاز أن يجعل جعلا، وما لم يجز بيعه، لم يجز الاستئجار به، ولا أن يجعل جعلا لرجل إلا خصلتان في الذي يجعل لرجل على أن يغرس له أصولا، حتى تبلغ حد كذا، ثم هي والأصل بينهما، فإن نصف هذا لا يجوز بيعه؛ وفي الذي يقول: القط زيتوني، فما لقطت من شيء فلك نصفه، فإن هذا يجوز، يريد وبيعه لا يجوز. قال: وقد روي عن مالك: أنه لا يجوز، ولم يختلف قوله في الرجل يكون له على الرجل مائة دينار، فيقول: ما اقتضيت من شيء من ديني فلك نصفه، وهما سواء.

قال محمد بن رشد: ما هما سواء، والفرق بينهما أن اللقط أوله أسهل وأيسر من آخره؛ لأنه كلما خف وقر الزيتون قل ما يلتقط منه في اليوم، ألا ترى أنه إذا كان كثير الوقر لقط على العشر وأقل من ذلك، وإذا كان خفيف الوقر لقط على النصف وأكثر من ذلك، فإذا جاعله على أن يلقط منه ما شاء بالثلث أو الربع كان غررا؛ لأنه لا يدري إن كان يستوفي لقط جميعه، أو يترك له منه بعضه، وهو إن ترك له منه اليسير لم يستأجر على لقطه إلا بالكثير، ولعل الإجارة على لقطه تستغرقه، فالأظهر من القولين ألا تجوز المجاعلة على لقطه بالجزء منه على حال، ولا تجوز في ذلك إلا الإجارة على جميعه بأن يقول: القطه كله ولك نصفه أو ثلثه.

وأما المجاعلة على اقتضاء الدين بجزء مما يقتضي منه، فأشهب لا يجيزه، والأظهر أنه جائز؛ إذ لا فرق بين أوله وآخره في العناء في اقتضائه.

وأما الحصاد والجذاذ، فلا خلاف بينهم في جواز المجاعلة فيه على الجزء منه، بأن يقول له: جذ من نخلي ما شئت، أو احصد من زرعي ما شئت على أن لك من كل ما تحصد أو تجذ جزءا كذا لجزء يسميه، ووجه جواز ذلك باتفاق هو أن الحكم فيه أن الجعل عليه لا يلزم واحدا منهما، للمجعول له أن يخرج متى شاء، وللجاعل أن يخرجه متى شاء؛ إذ لو كان الحكم فيه أن يلزم الجاعل، ولا يلزم المجعول له لما جاز؛ لأن الجعل كان

<<  <  ج: ص:  >  >>