للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إن كانت أقل أو أكثر، فليأخذ منه القيمة. قال عبد الحق: وهو عندي أقيس، والأول أشبه بمذهبه في المدونة، قياسا على من مات فأنفذت وصاياه، وبيعت تركته، ثم استحقت رقبته، وقد كان معروفا بالحرية أو غير معروف.

قال محمد بن رشد: وهو كما قال عبد الحق: القياس أن يغرم المستأجر الأجرة ثانية لسيد العبد؛ لأن منافع العبد الذي بذل له العوض فيها قد استهلكها، وانتفع بها، فوجب أن يغرم قيمتها لسيده قياسا على قولهم فيمن اشترى طعاما فأكله، أو ثوبا فاستهلكه، ثم استحق أن سيده مخير بين أن يضمن المبتاع قيمة ذلك لاستهلاكه إياه، وبين أن يجيز البيع، فيأخذ الثمن من البائع. وقد قال في كتاب الغصب من المدونة فيمن استأجر ثوبا فاستعمله، ثم استحق أن للمستحق أن يضمنه ما نقصه استعماله وله، على قياس ما ذكرناه، أن يأخذ منه قيمة الاستعمال، وبالله التوفيق.

[انقطع إلى رجل فأقام معه مدة يقوم في حوائجه ثم مات فطلب المنقطع أجرا]

ومن كتاب أوله جاع فباع امرأته وكتب إليه صاحب الشرطة، يسأله عن رجل انقطع إلى رجل، فأقام معه ثلاثة أشهر يقوم في حوائجه، ثم مات المنقطع إليه وقام المنقطع يطلب أجر ما أقام معه، وله بينة على عدد الشهور، فكتب إليه إن كان يرى أن مثله إنما ينقطع إليه، رجاء أن يثيبه في قيامه ونظره، فأحلفه ما أتى به بشيء، ثم أعطه أجرة مثله في أمانته وقيامه وجرأته، فإن الناس قد يكونون في الأمانة سواء، وبعضهم أجرأ من بعض، وأكفأ وأحسن نظرا، فأعطه بعد أن يحلف أجر مثله في حاله.

قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال: إن له أن يرجع عليه بإجارة مثله بعد يمينه أنه ما أتى به على شيء من تصرفه له، يريد ويزيد في يمينه ما كان قيامه معه، وتصرفه له احتسابا، إلا ليرجع عليه بحقه إن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>