للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجز ذلك؛ لأنه يستحيل بما لم يحل له، وهذا تأويل ابن لبابة، والأول هو الصواب؛ لأن الكراء المضمون لا ينفسخ بالعجز، وهو ثابت ما لم يفسخ بالحكم، لضرر يكون على المكتري في إمضائه بفوت الإبان كالحج وشبهه، فعلى هذا التأويل يكون ابن القاسم إنما تكلم على غير المسألة التي تكلم عليها مالك؛ لأنه تكلم على المكري قد انتقد، فلم يبق له بقية من الكراء وبقيت عليه بقية من الركوب، وتكلم مالك على أنه لم ينتقد جميع الكراء، فبقيت له بقية منه، وبقيت عليه بقية من الركوب.

وأما إن كان الكراء معينا فالمعنى فيما كرهه مالك وابن القاسم وخففاه جميعا أن الدابة المكتراة بعينها هلكت قبل الوصول إلى البلد الذي اكتريت إليه، وقد انتقد المكتري كراءه، فوجب أن يرد منه نوب ما بقي من المسافة فاكترى للمكتري دابة بعينها لما بقي من الركوب إلى ذلك البلد بما وجب عليه أن يرده من الكراء وبزيادة زادها، فكرها ذلك جميعا؛ لأن المكتري فسخ ما وجب له به الرجوع على المكري في ركوب دابة إلى ذلك البلد، وخففاه جميعا لانتقاد الدابة وهي معينة، وهذا على ما مضى من اختلاف قول مالك في أول مسألة من رسم حلف.

والمعنى في قول ابن القاسم وإن سأل المتكاري أن يحتال على المكري الأول ورضي بذلك الكري أن يحتال عليه، ويزيده مع ذلك فلا خير فيه، أن المكتري لما ملكت الدابة اكترى دابة لنفسه على ذمته بمقدار ما يجب له به الرجوع على المكري وبزيادة، ثم أحاله على المكري بما وجب له به الرجوع عليه، فوجب ألا تجوز الحوالة؛ لأنه احتال بما لم يحل، إذ لا يجب تعجيل الكراء إلا بشرط أو عرف، وهو معنى الدين بالدين، كما قال سحنون، ولو اكترى المكتري الدابة لنفسه بالدين الذي له على المكري

<<  <  ج: ص:  >  >>