للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترى أنه قد سمي المأمور بذبحه من ابني إبراهيم ذبيحا ولما يذبح لقربه من الذبح، وهو في اللسان أشهر من أن يخفى. ووجه قوله: إنهم يشهدون بها وإن كانت ضعيفة لا يحكم بها عنده، هو أنه قد يكون الحاكم ممن يرى إجازتها. وهذا مثل قوله في المدونة في الذي يرى خطه ولا يذكر الشهادة أنه يؤديها كما علم ولا ينتفع، وهو يدل من مذهبه على تصويب المجتهدين، وللقول على هذا موضع غير هذا وبالله التوفيق.

[مسألة: الهروب من تولي منصب القضاء]

مسألة قال: وقال عمر بن حسين: ما أدركت قاضيا استقضي بالمدينة إلا كآبة القضاء وكراهيته في وجهه إلا قاضيين سماهما.

قال محمد بن رشد: المعنى في هذه الحكاية بين؛ لأن القضاء محنة ومن دخل فيه فقد ابتلي بعظيم؛ لأنه قد عرض نفسه للهلاك إذ التخلص منه على من ابتلي به عسير، روي عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: " وددت أني أنجو من هذا الأمر كفافا لا لي، ولا علي " وروي عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: «من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين» . وقال أبو قلابة: مثل القاضي العالم كالسابح في البحر، فكم عسى أن يسبح حتى يغرق، وأحق ما اغتم به المسلم وبدت الكراهة والكآبة فيه عليه ما علم أنه مرتهن به، ومسؤول عنه، ومشدد عليه المسألة فيه. روي أنه «ما من قاض يأتي يوم القيامة إلا ويداه مغلولتان إلى عنقه فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>