للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شذ منهم، فحط من السعر، أو باع بأغلى مما يبيع به عامتهم: إما أن تبيع بما يبيع به العامة، وإما أن ترفع من السوق، كما فعل عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بحاطب بن أبي بلتعة، إذ مر به وهو يبيع زبيبا له في السوق، فقال له: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا؛ لأنه كان يبيع بالدرهم أقل مما كان يبيع به أهل السوق، وأما أهل الحوانيت والأسواق الذين يشترون من الجلاب وغيرهم جملا، ويبيعون ذلك على أيديهم مقطعا مثل اللحم والأدم والفواكه، فقيل: إنهم كالجلاب لا يسعر عليهم شيء من بياعتهم، وإنما يقال لمن شذ منهم وخرج عن الجمهور: إما أن تبيع كما يبع الناس، وإما أن ترفع من السوق، وهو قول مالك في هذه الرواية، في رسم باع شاة، من سماع عيسى.

وممن روي ذلك عنه من السلف عبد الله بن عمر، وقيل: إنهم في هذا بخلاف الجلاب، لا يتركون على البيع باختيارهم إذا غلوا على الناس ولم يقنعوا من الربح بما يشبه، كان على صاحب السوق الموكل على مصلحته أن يعرف بما يشترون، فيجعل لهم من الربح ما يشبه، وينهاهم أن يزيدوا على ذلك، ويتفقد السوق أبدا، فيمنعهم من الزيادة على الربح الذي جعل لهم كيف ما تقلب السعر من زيادة أو نقصان، فمن خالف أمره عاقبه بما يراه من الأدب، وبالإخراج من السوق إن كان معتادا لذلك مستسرا به، وهو قول مالك في رسم البيوع الأول، من سماع أشهب، وإليه ذهب ابن حبيب، وقاله من السلف جماعة منهم: سعيد بن المسيب، ويحيى بن سعيد، وهو مذهب الليث، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ولا يجوز عند أحد من العلماء أن يقول لهم: لا تبيعوا إلا بكذا وكذا، ربحتم أو خسرتم من غير أن ينظر إلى ما يشترون به، ولا أن يقول لهم فيما قد اشتروه لا تبيعوه إلا بكذا وكذا مما هو مثل الثمن الذي اشتروه به أو أقل، وإذا ضرب لهم الربح على قدر ما يشترون به،

<<  <  ج: ص:  >  >>