للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدس ستة عشر شهرا، ثم حولت القبلة بعد بدر بشهرين، قال: قال مالك: ذكر لي عبد الله بن دينار «عن عبد الله بن عمر أن الناس بينما هم قيام في الصلاة إلى بيت المقدس، فجاءهم آت فقال: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أنزل عليه أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، فاستداروا إلى القبلة» .

قال محمد بن رشد: وقع هاهنا بعد بدر بشهرين، وفي " الموطأ ": قبل بدر بشهرين، فيحتمل أن يريد بما هاهنا بدرا الأولى وبما في " الموطأ " بدرا الثانية؛ لأنه كان بينهما نحو أربعة أشهر، تحولت القبلة بعد الأولى بشهرين وقبل الثانية بنحو شهرين. وقد قيل: إن ما في " الموطأ " هو الصواب، والذي وقع هاهنا غلط؛ لأن بدرا إذا أطلقت دون وصف فالمراد بها الثانية المشهورة المذكورة في القرآن، وقول ابن المسيب: إنهم صلوا إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، صحيح، لا اختلاف في أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى إلى بيت المقدس منذ قدم المدينة حتى حولت القبلة، وإنما اختلفت الآثار في صلاته بمكة قبل قدومه المدينة، فروي أنها كانت إلى مكة وهو دليل قول سعيد بن المسيب هذا، وروي أنها كانت إلى بيت المقدس، وقيل: إنه كان يصلي إلى بيت المقدس ومكة بين يديه، فكانت صلاته إليهما جميعا، وفي استدارتهم إلى القبلة في صلاتهم معنى يجب الوقوف عليه، وذلك أن أهل العلم بالأصول اختلفوا في الحكم إذا نسخ، فقيل: إنه يكون منسوخا بورود الناسخ جملة، وقيل: إنه لا يكون منسوخا عند من لم يعلم ورود الناسخ إلا بوصول العلم إليه، فيلزم على القول بأنه منسوخ بنفس ورود الناسخ جملة أن يستدير في صلاته إلى القبلة من علم فيها أنه إلى غير القبلة على ما فعل الصحابة- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بقباء، وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه. وقول مالك:

<<  <  ج: ص:  >  >>