للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهادة أو بعضها، أو ما يدله على حقيقتها وينفي التهمة عنه فيها، فأخذ بقوله الأول عامة أصحابه: مطرف، وابن الماجشون، والمغيرة، وابن أبي حازم، وابن دينار، وابن وهب وإليه ذهب ابن حبيب، وهو اختيار سحنون في نوازله.

قال مطرف: وعليه جماعة الناس. قال مطرف وابن الماجشون: وليقيم بالشهادة تامة بأن يقول ما فيه حق، وإن لم يحفظ مما في الكتاب عددا ولا مقعدا ولا يعلم السلطان بأنه لا يعرف غير خطه، فإن أعلمه بذلك وأنه لم يرتب في شيء لزم الحاكم رده.

وروى ابن وهب عن مالك في موطأه أنه إذا قال: هذا كتابي ولا يذكر الشهادة أنه يجيزها ويحكم بها.

وأخذ ابن القاسم وأصبغ بقول مالك الآخر أنه لا يشهد وإن عرف خطه حتى يذكر الشهادة، واختلف على هذا القول، هل يرفع شهادته أم لا؟ فقال مالك في المدونة: إنه يؤديها كما علم ولا تنفع، وهذا من مذهبه يدل على القول بتصويب المجتهدين، وقال ابن المواز: إنه لا يرفعها، وهو القياس على قول من قال: إن المجتهد قد يخطئ الحق عند الله، وإن لم يقصر في اجتهاده وامتثل أمر الله فيه، واختلف كيف يؤديها؟ فقيل: إنه يقول: هذه شهادتي بخط يدي ولا أذكرها.

وفي رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب يقول: أرى كتابا يشبه كتابي، وأظنه إياه، ولست أذكر شهادتي، ولا متى كتبتها، وعلى معنى هذا الاختلاف يأتي اختلافهم في الشهادة على خط المقر؛ لأن المعنى في ذلك إنما هو هل الخط رسم يدرك بحاسة البصر أم لا؟ وهذه المسألة يتحصل في المذهب فيها خمسة أقوال: أحدها: أنها شهادة جائزة يؤديها ويحكم بها. والثاني: أنها شهادة غير جائزة فلا يؤديها ولا يحكم بها إن أداها. والثالث: أنها شهادة غير جائزة إلا أن يؤديها ولا يحكم بها. والرابع: أنها إن كانت في كاغد لم يجز له أن يشهد، وإن كانت في رق جاز له أن يشهد، يريد - والله أعلم - إذا كانت الشهادة في بطن الرق، ولم تكن

<<  <  ج: ص:  >  >>