للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرهما آل إلى سلامة وصلح، فذلك جائز.

قال محمد بن رشد: ظاهر هذه الرواية أن مجرد الخصومة في القليل والكثير توجب العداوة بين المتخاصمين وتسقط شهاده أحدهما عن صاحبه؛ لأنه لم يرها جائزة عليه وإن طال الأمد حتى يئول أمرهما إلى سلامة وصلح، وهو أن يرجعا إلى ما كانا عليه قبل الخصومة، ومثله في سماع سحنون ونوازل أصبغ.

ولو سلم كل واحد منهما على صاحبه، ولم يعودا إلى ما كان عليه قبل المحاكمة من التكلم لم تجز شهادة أحدهما على صاحبه، ولم يخرجه ذلك من الهجران إذا لم يكن مؤذيا له على ما يأتي في رسم باع شاة من سماع عيسى، وقال مطرف وابن الماجشون: إذا لم يكن الذي بينهما خاصا فيخرج بالسلام عن الهجرة وتجوز عليه شهادته وإن ترك كلامه، وقد قيل: إن شهادة كل واحد منهما على صاحبه بعد الخصومة جائزة في غير الشيء الذي تخاصما فيه، إلا أن تكون خصومتهما في الأمر الجسيم الذي يورث الحقد والعداوة، وهو قول ابن كنانة، قال: وهذا تفسير الحديث: «لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين» . واختلف في الظنين، فقيل: هو المتهم في دينه. وقيل: هو المتهم في شهادته.

وقد قيل: إن شهادة كل واحد منهما على صاحبه جائزة بعد الخصومة وإن لم يصطلحا ما لم يقع بينهما فيها مشاتمة، وهو قول يحيى بن سعيد في نوازل سحنون من هذا الكتاب، قال: وإذا كانت بينهما عداوة معلومة فاصطلحا جازت شهادة كل واحد منهما على صاحبه، وقال مطرف وابن الماجشون، وابن عبد الحكم وأصبغ: وذلك إذا طال الأمر واستحق الصلح وظهرت براءتهما من دخل العداوة؛ لأنه يتهم إذا شهد عليه بقرب ما صالحه على أنه إنما صالحه ليشهد عليه، فلا تجوز شهادته عليه، وسيأتي في رسم باع شاة من سماع عيسى إذا كان الشهود أعداء لا في المشهود

<<  <  ج: ص:  >  >>