للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورائه. فقلت له: أرأيت القوم يكونون في السفينة فتضيق عنهم فيكون بعضهم فوقها وبعضهم فيها، فقال: ليس السفينة مثل هذا ولا بأس بذلك، صاحب السفينة في البحر لا يجد بدا من ذلك. قيل له: فأين أحب إليك أن يكون الإمام؟ فقال: لا أدري أي ذلك أصوب؟ أرأيت لو لم تضق السفينة أين كان يكون الإمام؟ قيل: أرأيت إذا كان القوم تضيق عليهم السفينة حتى لا يقدروا أن يصلوا إلا جلوسا، أيصلون؟ قال: إن كانوا لا يقدرون على البر ولا على الصلاة قياما فأرى ذلك لهم.

قال محمد بن رشد: مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الإمام إذا صلى بقوم في موضع مرتفع جاز للرجل أن يصلي بصلاته في موضع أخفض منه، إلا أن يكون أمام الإمام، فإنه يكره ذلك له ابتداء، فإن فعل أجزأته صلاته. هذا معنى قوله في " المدونة "، وهو نص قوله في هذه الرواية في المسجد المرتفع المعلق على العمد. وأجاز في السفينة إذا صلى الإمام فوقها بمن معه أن يصلي من فيها بصلاتهم وإن كانوا أمام الإمام؛ إذ لا يجدون من ذلك بدا كما قال؛ لأنه موضع ضرورة.

وكذلك على مذهبه إذا صلى الإمام بقوم في موضع منخفض جاز للرجل أن يصلي صلاتهم في مكان أرفع منه؛ لأنه لم يكره في " المدونة " الصلاة على قيقعان وأبي قبيس بصلاة الإمام في المسجد الحرام إلا من أجل بعدهما عن الإمام مع ارتفاعهما، لا من أجل ارتفاعهما خاصة، إلا أن يكون الموضع الذي صلى عليه ظهر المسجد والإمام مع جماعته داخل المسجد، فاختلف في ذلك قول مالك في " المدونة " أجازه مرة وكرهه أخرى، بخلاف الجمعة؛ إذ لم يختلف قوله في أن الجمعة لا يصليها أحد فوق ظهر المسجد، فإن فعل أعاد في الوقت وبعده، قاله ابن القاسم في " المدونة "، ومالك في " المبسوطة "، وقيل: لا إعادة عليه، وهو قول أشهب ومطرف وابن الماجشون وأصبغ في " المدنية "، وقال ابن الماجشون: جائز للمؤذن أن

<<  <  ج: ص:  >  >>