للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأرض حتى يؤثر فيها السجود فيبدو ذلك للناس؛ إذ ليس ذلك المراد بقول الله -عز وجل-: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: ٢٩] ، وإنما هو ما يعتريهم من الصفرة والنحول بكثرة العبادة أو سهر الليل، وقيل: إن ذلك في الآخرة لا في الدنيا، ولعله اتهمه أن يكون قصد بذلك ليعرف به؛ فلذلك وبخه بما قرره عليه في الرواية، والله أعلم. وقد روي أن عمر بن عبد العزيز استعمل عروة بن عياض على مكة، فاستعداه عليه رجل ذكر أنه سجنه في حق، فلم يخرجه من السجن حتى باع ماله منه بثلاثة آلاف وقد كان أعطاه به ستة آلاف، فأبى أن يبيعه منه واستحلفه بالطلاق ألا يخاصمه في ذلك أبدأ، فنظر عمر إلى عروة ونكت بالخيزران بين عينيه في سجدته ثم قال: هذه غرتني منك -لسجدته- ولولا أني أخاف أن تكون سنة من بعدي لأمرت بموضع السجود فقور، ثم قال للرجل: اذهب فقد رددت عليك مالك ولا حنث عليك. وبالله التوفيق.

[مسألة: أذان الصبي وإقامته وإمامته للبالغين]

مسألة وسئل: أيكره من أذان الصبي وإقامته ما يكره من إمامته؟ فقال: نعم، لا يؤذن الصبي ولا يقيم إلا أن يكون مع نساء أو في الموضع الذي لا يوجد غيره، يغيب الرجل فيؤذن لهم ويقيم كذلك.

قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن المؤذن معلم بالأوقات، مؤتمن على مراعاتها، مصدق قوله فيها؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن» فلا يصح أن يؤتمن ويصدق إلا من تعلم أمانته وتجوز شهادته، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>