للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أرى أن يباعا إلا جميعا في واحد، إن ذلك الجار قد ينتقل ويموت، فتباع الجارية، فلا أرى أن يباعا إلا جميعا.

قال محمد بن رشد: قوله: إنه لا يجوز أن يبيع الرجل أمته دون ولدها الصغير، من جار معه في بيت واحد، صحيح على أصله، في أنه لا يجوز في البيع أن يجمع بينهما في حوز واحد، بخلاف الهبة والصدقة، فإنه أجاز فيهما الجمع في حوز واحد. هذا مذهبه في المدونة. وقوله في المسألة التي قبل هذه: والقياس ألا فرق بينهما؛ لأن العلة التي اعتل بها في البيع، من أن ذلك الجار ينتقل ويموت، موجودة في الهبة والصدقة، ووجه التفرقة بينهما على ضعفها، أن البيع على سبيل المكايسة، ويمكن رده، والهبة والصدقه على سبيل المعروف، ولا يمكن رده، فاستخف في الهبة والصدقة من الجمع في حوز واحد لهذه العلة، ما لم يستحف في البيع. وقال ها هنا في بيع الأم دون ولدها الصغير: لا أرى ذلك، ولم يقل ما يكون الحكم فيه إذا وقع. وقد اختلف في ذلك على قولين: أحدهما أنه بيع فاسد، لمطابقة النهي، والثاني أنه ليس ببيع فاسد، لإمكان زوال المعنى الذي من أجله منع منه، كاشتراء النصراني مصحفا أو مسلما. واختلف على القول بأنه بيع فاسد إذا فات، فقيل: إنه يمضي بالثمن، وقيل: إنه يرد إلى القيمة ويباع عليهما جميعا من رجل واحد مضى بالثمن أو رد إلى القيمة. واختلف أيضا على القول بأنه ليس ببيع فاسد، فقيل: إنهما يؤمران أن يجمعا بينهما في ملك أحدهما، فإن أبيا رد البيع، وقيل: إنهما يؤمران بذلك، فإن أبيا بيع عليهما، ولم يرد البيع، وقيل: إنهما يؤمران أن يجمعا بينهما في ملك أحدهما، أو يبيعاهما من رجل واحد، فإن أبيا من ذلك رد البيع، فالقول الأول على قياس المنع من جمع الرجلين سلعتيهما في البيع؛ لأنه على هذا القول إذا أبيا أن يبيع أحدهما من صاحبه، لم يكن بد من رد البيع، وإن لم يكن فاسدا. والقول الثاني على قياس إجازة جمع الرجلين سلعتيهما في البيع؛ لأنه إذا أمكن أن يجمع بينهما في ملك واحد، بأن يباعا عليهما من

<<  <  ج: ص:  >  >>