للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن العهدة لا تتنقل عن الغاصب، إن العبد قد فات، ووجبت فيه القيمة يوم الغصب، وإنما أخذ الثمن إذ رأي أنه أفضل له من القيمة، ولم يقصد إلى اختيار أخذ العبد وإمضاء البيع فيه. ووجه القول بأن العهدة تنتقل عن الغاصب إلى المستحق، هو أنه لما ترك أن يضمن الغاصب القيمة وأخذ الثمن، فقد قصد اختيار أخذ العبد وإمضاء البيع فيه، فاحفظ، إنها ثلاثة أوجه، إذا أجاز المستحق البيع، وأخذ الثمن، وجه تنتقل العهدة فيه باتفاق، ووجه لا تنتقل فيه باتفاق، ووجه تنتقل فيه على اختلاف، هذا الذي يوجبه النظر الصحيح عندي في هذه المسألة، وقد كان من تقدم من الشيوخ لا يحصلها هذا التحصيل، ويذهب إلى أن في انتقال العهدة عن البائع إلى المستحق، ثلاثة أقوال: قول إنها لا تنتقل وقول إنها تنتقل، والفرق بين أن يكون العبد قائما أو فائتا، ولا يفرق في الفوات بين أن يكون للمستحق أن يأخذه، وبين أن لا يكون له أن يأخذه، وإذا أخذ المستحق القيمة من الغاصب، فالعهدة عليه باتفاق لأن العبد قد وجب له بالقيمة التي أخذت منه فيه، فإن استحق العبد من يد المشتري من الغاصب، على القول بأن العهدة لا تنتقل عن الغاصب، فرجع المشتري على الغاصب بالثمن، رجع به الغاصب على المستحق، فالإعذار فيما أثبته المستحق الثاني على المشتري من الغاصب، إنما يكون على المستحق الأول، الذي يرجع عليه الغاصب، لا على الغاصب؛ لأن من حجته أن يقول: أنا لا أدفع على من أرجع، فإن خاصم ودفع، لم يكن له رجوع إلا على اختلاف قد مضى ذكره في رسم استأذن من سماع عيسى من كتاب الاستحقاق. والذي يفوت العبد عند مشتريه من الغاصب فوتا لا يكون للمغصوب أن يأخذه، هو أن تذهب عينه، أو أن يحصل في بيع حال، لا يجوز بيعه من إباق أو مرض مخوف، على القول بأنه لا يجوز بيع المريض؛ لأنه إذا أخذه يكون مبتاعا له بما وجب له على الغاصب من القيمة أو الثمن، ويتخرج في هذا قولان على اختلافهم في الذي يبيع العبد فيابق عند المشتري، ثم يفلس، هل يكون للبائع أن يأخذ عبده

<<  <  ج: ص:  >  >>