للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمشتري بالهبة حظ المسلم ولم يكن لمن سواه من الشفعاء أخذه فكذلك البيع غلى هذا القياس ينزل المشتري منزلة الشفيع للبائع الشفعة فلا يكون لمن سواه من الشفعاء شفعة إلا أن يكونوا بمنزلته فيكون لهم منها بقدر حظوظهم وعلى هذا تأول ابن لبابة رواية ابن القاسم عن مالك في أنه لا يجوز أن يبيع الرجل شفعة قد وجبت له ولا يهبها فقال: معناه من غير المبتاع واستدل على تأويله برواية جلبها من كتاب الدعوى والصلح، قال: يجوز أن يبيع شفعته من المبتاع بعد وجوب صفقته قبل أن يستشفع ولا يجوز له بيع ذلك من غيره ومثل هذا حكي أيضا عن مالك من رواية أشهب عنه أنه قال: ولا يجوز له أن يبيعها من غير المبتاع قبل أن يأخذ شفعته، واختار هو من رأيه أن لا يبيع الشفعة ولا يهبها لا من المبتاع ولا من غيره وهو الصواب والروايات التي جلبها ليست بجلية لاحتمال أن يتأول على أنه إنما أراد بها أخذ العوض من المبتاع على تسليم الشفعة له بما يجوز له بعد وجوب الصفقة وسمي ذلك بيعا لما فيه من شبهة البيع، وقول أصبغ بعيد شاذ في النظر وحكى ابن لبابة أيضا أنه رأى ابن الحسار يعقد لنفسه وثيقة شراء نصيب رجل من مال وما وجب له من الاستشفاع في نصيب كان بيع من ذلك المال قبل ذلك، قال: فلما تمت الوثيقة قال لي: هذه من غرائب النتيجات التي لا يعرفها والله غيرنا، يريدني ونفسه.

فالذي يتحصل في هذا أنه لا يجوز للشفيع أن يهب ما وجب له من الاستشفاع لغير المبتاع ولا بيعه منه.

واختلف هل له أن يهب ذلك للمبتاع أو يبيعه منه أم لا على قولين، أحدهما أن ذلك جائز ويختص المشتري بما اشترى فلا يكون لغير البائع أو الواهب من الشفعاء عليه شفعة إلا أن يكون بمنزلته فيكون لهم منها بقدر حقوقهم والثاني أن ذلك لا يجوز وينفسخ البيع فيكون الشفيع على شفعته وينفسخ أيضا حكم الهبة فيمضي على حكم التسليم.

وأما بيع الشفيع نصيبه الذي يستشفع قبل أخذه بالشفعة فلا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>