للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها دم سائل؛ لأن عدم الروح من الحيوان ليس بعلة في النجاسة، إذ قد يعدم الروح بالذكاة فيما يؤكل من دواب البر، وبالموت في دواب البحر، فلا ينجس بذلك، فلما لم يكن عدم الروح من الحيوان علة في النجاسة، وجب ألا ينجس بالموت إلا ما يموت مما يحل أكله بذكاة، وهي الميتات؛ لأن الله تعالى سماها رجسا فقال: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ} [الأنعام: ١٤٥] الآية - إلى قوله سبحانه: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥] . والميت من بني آدم لا يسمى ميتة، فليس برجس ولا نجس، ولا حرم أكله لنجاسة، إذ ليس بنجس، وإنما حرم إكراما له؟ ألا ترى أنه لما لم يسم ميتة، لم يجز للمضطر أن يأكله بإباحة الله تعالى له أكل الميتة - على الصحيح من الأقوال، هذا من طريق النظرة وأما من طريق الأثر، فقد روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن المؤمن لا ينجس» . وقال ابن عباس في البخاري: لا ينجس المسلم حيا ولا ميتا. وقال سعد بن أبي وقاص: لو كان نجسا ما مسسته. وسئلت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - هل يغتسل من غسل ميتا؟ فقالت: أو أنجاس موتاكم؟ ولو كان نجسا ما أدخله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسجد، وفي هذا كفاية. ومنهم من قال: إنما أمر أن يغتسل - توقيا لما عسى أن يصيبه من أذى الميت، إذ يخاف ألا يكون طاهرا من النجاسة، لا أن ذاته نجسة، وقد يحتمل أن يتأول في قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من غسل ميتا فليغتسل» ، ما يتأول لا قوله: «ومن حمله فليتوضأ» . فيكون المعنى في ذلك أن يغتسل لاغتساله - إن كان غير طاهر، لئلا يغسله - وهو جنب، ومما يدل أن الاغتسال من غسل الميت

<<  <  ج: ص:  >  >>