للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلبه الإمام حيا وقتله في خشبته، كيف يصلى عليه، قال: ينزل ويكفن ويصلي عليه أهله؟ قلت: ولا يعاد في الخشبة لما يريد الإمام من شنعة ذلك من فعله، ونكالا لغيره، فقال: لا أرى ذلك، وفيما فعل به ما يجزئ، وأرى إذا صلي عليه أن يدفن؛ وقول مالك يجزئه من هذا كله يصلي على كل من قتله الإمام.

قال محمد بن رشد: سأله عن صلاة الإمام على الذي يقتله في قود، أو على حرابة؛ فلم يجبه على ذلك، ومذهبه وروايته عن مالك: أنه لا يصلي عليه، ويصلي عليه أهله والناس؛ قيل: على سبيل الردع والزجر، كما يكره له ولمن سواه من أهل الفضل - الصلاة على أهل الكبائر والشر. وقيل: إنما لم يصل عليه الإمام من أجل أنه منتقم لله بقتله، فلا يكون شافعا إليه بالصلاة عليه؛ والتأويل الأول صحيح في المعنى، إلا أنه لا يسعد قوله لتفرقته فيه بين القتل وغيره، وهذا أسعد به، إلا أن فيه نظرا، إذ لا يمنع أن ينتقم لله منه بما شرعه من القتل في الدنيا، ويشفع له في ألا يعاقبه في الدار الأخرى؛ وقد روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى على الجهنية المرجومة. وذهب إلى ذلك محمد بن عبد الحكم.

وقال ابن نافع: يصلي الإمام على من قتله في قصاص، أو حد من الحدود، وليس لترك صلاة الإمام عليه وجه، ولا فرق بينه وبين غيره، ويحتمل أن يفرق على قول محمد بن عبد الحكم بين المرجوم والمقتول في حرابة أو قود، فإن الرجم كفارة للزنا بإجماع، وليس القتل في القود والحرابة بكفارة للذنب، بدليل قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣] . ولا اختلاف في أن المقتول في حد أو قود يصلي

<<  <  ج: ص:  >  >>