للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آراء الفقهاء في حكم العينة والتورق مع التوجيه والمناقشة]

أ - قال صاحب [بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع] في الكلام على ما حرم احتياطا لما فيه من شبهة الربا؛ لحديث: «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات (١) » . . .، وحديث: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (٢) » . قال: وعلى هذا يخرج ما إذا باع رجل شيئا نقدا أو نسيئة وقبضه المشتري ولم ينقد ثمنه أنه لا يجوز لبائعه أن يشتريه من مشتريه بأقل من ثمنه الذي باعه منه عندنا، وعند الشافعي رحمه الله يجوز.

وجه قوله: أن هذا بيع استجمع شرائط جوازه وخلا عن الشروط المفسدة إياه فلا معنى للحكم بفساده كما إذا اشتراه بعد نقد الثمن.

ولنا: ما روي أن امرأة جاءت إلى سيدتنا عائشة رضي الله عنه، وقالت: إني ابتعت خادما من زيد بن أرقم بثمانمائة ثم بعتها منه بستمائة، فقالت سيدتنا عائشة رضي الله عنها: "بئس ما شريت وبئس ما اشتريت، أبلغي زيدا أن الله تعالى قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب ".

ووجه الاستدلال به من وجهين:

أحدهما: أنها ألحقت بزيد وعيدا لا يوقف عليه بالرأي وهو بطلان الطاعة بما سوى الردة، فالظاهر أنها قالته سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يلتحق الوعيد إلا بمباشرة المعصية، فدل على فساد البيع؛ لأن البيع الفاسد معصية.

والثاني: أنها رضي الله عنها سمت ذلك بيع سوء وشراء سوء، والفاسد هو الذي يوصف بذلك لا الصحيح، ولأن في هذا البيع شبهة الربا؛ لأن الثمن الثاني يصير قصاصا بالثمن الأول فبقي من الثمن الأول زيادة لا


(١) صحيح البخاري الإيمان (٥٢) ، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٩) ، سنن الترمذي البيوع (١٢٠٥) ، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٨٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٢٦٩) ، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣١) .
(٢) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٥١٨) ، سنن النسائي الأشربة (٥٧١١) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٠٠) ، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>