للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مملوك المنفعة ملك الإجارة، لم يجز أن يكون رهنا إلا بما أجازه الله عز وجل به من أن يكون مقبوضا، ولما لم يجز فللراهن ما لم يقبضه المرتهن منعه منه، وكذلك لو أذن في قبضه فلم يقبض المرتهن حتى رجع الراهن في الرهن كان له ذلك لما وصفت من أنه لا يكون رهنا إلا بأن يكون مقبوضا.

وكذلك كل ما لم يقع إلا بأمرين، فليس يتم بأحدهما دون الآخر، مثل: الهبات التي لا تجوز إلا مقبوضة وما في معناها.

الوجه الثاني: ما ذكره الجصاص بقوله: قوله: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (١) عطف على ما تقدم من قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (٢)

فلما كان استيفاء العدد المذكور والصفة المشروطة للشهود واجبا وجب أن يكون كذلك حكم الرهن فيما شرط من الصفة، فلا يصح إلا عليها، كما لا تصح شهادة الشهود إلا على الأوصاف المذكورة، إذا كان ابتداء الخطاب توجه إليهم بصيغة الأمر المقتضي للإيجاب.

ويمكن أن يناقش ما ذكره الإمام الشافعي في بيان الاستدلال بالآية:

بأنا وإن سلمنا أنه لا يكون رهنا بالفعل إلا بما ذكر الله من القبض، لكن ليس هذا موضوع النزاع بيننا وبين المستدل، إنما موضوعه: أنه يلزم المدين بمقتضى العقد أن يسلم ما اتفق عليه أن يكون رهنا إلى الدائن ليكون وثيقة بالدين، وهذا هو المفهوم من كون الآية خبرا بمعنى الأمر، إذ


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٣
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>