للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان قبضه رده إلى صاحبه، وكذلك من أربى ثم تاب فليس إلا رأس ماله وما قبض من الربا وجب عليه أن يرده إلى من قبضه منه، فإن لم يعلمه تصدق به عنه، لقول الله عز وجل: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (١) الآية، وأما من أسلم وله ربا فإن كان قبضه فهو له؛ لقول الله عز وجل: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} (٢) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أسلم على شيء فهو له» .

وأما إن كان الربا لم يقبضه فلا يحل له أن يأخذه وهو موضوع عن الذي هو عليه، ولا خلاف في هذا أعلمه؟ لقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٣)

نزلت هذه الآية في قوم أسلموا ولهم على قوم أموال من ربا كانوا أربوه عليهم، وكانوا قد اقتضوا بعضه منهم وبقي بعضه فعفا الله لهم عما كانوا اقتضوه، وحرم عليهم اقتضاء ما بقي منه.

وقيل: نزلت في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة كانا يسلفان في الربا فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله الآية بتحريم اقتضاء ما كان لهما من الربا.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم عرفة في حجة الوداع: «ألا إن كل ربا كان في الجاهلية فهو موضوع، وأول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب (٤) » ، (٥) .


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٩
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٤) صحيح مسلم كتاب الحج (١٢١٨) ، سنن أبو داود كتاب المناسك (١٩٠٥) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٤) .
(٥) [المقدمات] ، لابن رشد (٣\ ٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>