للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغفر لهم ويرحمهم ان تابوا وفى هذا الاستفهام تعجيب من إصرارهم.

مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ يعنى هو منحصر فى صفة الرسالة ليست له صفة الالوهية كما زعمته النصارى خذلهم الله فالحصر إضافي بالنسبة الى ما يصفه به النصارى قَدْ خَلَتْ اى مضت مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وهو يمضى ايضا الجملة صفة لرسول يعنى ما هو الا رسول من جنس الذين خلوا من قبله ممكن حادث جائز العدم خصه الله ببعض المعجزات كابراء الأبرص والأكمه واحياء الموتى كما خص غيره بغير ذلك فان الله احيى على يد موسى عصاه وجعلها حية تسعى وذلك اعجب من احياء الموتى وان خلقه من غير اب فقد خلق آدم من غير اب وأم وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ يعنى كانت امرأة كسائر النساء فضلت على أكثرهن بكثرة الصدق وتصديق آيات الله وأنبيائه كما ينبغى كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ ويفتقران اليه كسائر الحيوانات بيّن اولا أقصى ما لهما من الكمال وبين انه لا يوجب الالوهية وان كثيرا من الناس يشاركهما فى مثله ثم بين نقصهما وما فيهما من امارة الحدوث ومنافى الربوبية وكونهما من جملة المركبات الكائنة الفاسدة ثم تعجب ممن يدعى الربوبية لهما مع هذه الادلة الظاهرة فقال انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ الدالة على بطلان قولهم ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ كيف يصرفون عن استماع الحق وتأمله وثم لتفاوت ما بين العجبين يعنى بياننا عجيب واعراضهم عنها اعجب منه فانهم مع بداهة كونه من الحوادث اليومية الممكنة المفتقرة الى علة الإيجاد والإبقاء لا يحكمون عليه بالإمكان والحدوث ومع بون بعيد بين الرب والمربوب لما نظروا الى بعض صفاته الكاملة المستعارة من الله سبحانه حكموا عليه بالالوهيّة.

قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً يعنى عيسى عليه السّلام فان أفعاله مخلوقة لله تعالى كسائر العباد فلا يملك فى الحقيقة شيئا وان ملك بعض الأشياء بتمليك الله تعالى وصدر على يده بخلق الله تعالى وهو لا يملك مثل ما يضر الله به من البلايا والمصائب فى الدنيا والتعذيب بالنار فى الاخرة ولا مثل ما ينفع الله به من الصحة والسعة فى الدنيا والجنة فى الاخرة وعبّر بكلمة ما وهو بغير ذوى العقول توطية لنفى القدرة عنه راسا وتنبيها على انه من هذا الجنس ومن كان له مجانسة بالممكنات فهو بمعزل عن الالوهية وقدم الضرر لان دفع الضرر أهم

<<  <  ج: ص:  >  >>