للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانهم هم المستدلون بها وذكر هذه الآيات يستوجب التوبيخ على المشركين فقال

وَجَعَلُوا يعنى كفار مكة مع قيام ادلة التوحيد لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ يعنى الملئكة عبدوهم وقالوا الملئكة بنات الله سماهم جنا لاجتنانهم وتحقيرهم عن درجة الربوبية او المراد بالجن الشياطين لانهم أطاعوهم وعبدوا غير الله من الأوثان وغيرها بتسويلهم او لاجل حلول الشياطين فى الأوثان أحيانا او لاجل قولهم الله خالق الخير والشيطان خالق الشر ومفعولا جعلوا لله وشركاء والجن بدل من شركاء او شركاء والجن ولله متعلق بشركاء او حال منه وَخَلَقَهُمْ حال من الله تعالى بتقدير قد او منه ومن الجن معا على ان يكون الضمير المنصوب راجعا الى الجن يعنى وقد علموا ان الله تعالى خلق الانس والجن وكل شىء وان الجن لا يخلق شيئا وَخَرَقُوا قرأ نافع بتشديد الراء للتكثير والمعنى اختلقوا وافتروا لَهُ بَنِينَ قالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وَبَناتٍ قالت العرب الملئكة بنات الله بِغَيْرِ عِلْمٍ من غير ان يعلموا صدق ما قالوا بدليل عقلى او نقلى وهو فى موضع الحال من فاعل خرقوا او المصدر اى خرقا بغير علم سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اضافة الصفة المشبهة الى فاعلها يعنى بديع سموته وارضه ليس لها نظير وقيل معناه المبدع يعنى خالقها بلا سبق مثال خبر مبتدا محذوف يعنى هو او مبتدا خبره.

أَنَّى من اين او كيف يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ يكون منها الولد وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فى الاية استدلال على نفى الولد بوجوه الاول ان من مبدعاته السموات والأرض وهى مع انها من جنس ما يوصف بالولد مستغن عنه لطول بقائها فالله سبحانه اولى به الثاني انه خالق الأجسام العظيمة وخالق الأجسام لا يكون جسما والولادة من خواص الأجسام والثالث ان الولد ينشئ من ذكر وأنثى متجانسين والله تعالى منزه عن المجانسة الرابع ان الولد كفو للوالد ونظيره وليس له كفوا أحد لان كل ما عداه مخلوقه فلا يكافيه شىء ولانه عالم بكل شىء ولا كذلك غيره بالإجماع الا بتعليمه

ذلِكُمُ اى الموصوف بما سبق من الصفات مبتدا اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ اخبار مترادفة ويجوز ان يكون البعض خبرا والبعض بدلا او صفة فَاعْبُدُوهُ الفاء للسببية يعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>