للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وارغب فى اقتفائه قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ استأنف به ولم يعطف كما فى قصة نوح حيث قال فقال كانه جواب سائل قال فما قال لهم حين أرسل وكذلك جوابهم أَفَلا تَتَّقُونَ عذاب الله وكان قومه اقرب من قوم نوح.

قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ وصف الملأ بالذين كفروا للتقييد فان من اشراف قوم هود من أمن به منهم مرتد بن سعد ولم يكن فى اشراف قوم نوح مؤمن إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ اى خفة عقل حيث نهجر دين قومك وتدعى امرا مستحيلا يعنى رسالة الله تعالى جعلت السفاهة ظرفا مجازا يعنى انك متمكن فيها غير منفك عنها وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ فى ادعائك الرسالة.

قالَ هود يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ فيما أدعوكم اليه أَمِينٌ على الرسالة ذكر هاهنا صيغة اسم الفاعل لقولهم انا لنظنك من الكاذبين ليقابل الاسمية الاسمية قال الكلبي معناه كنت فيكم قبل اليوم أمينا فلا وجه لكم لسوء الظن فىّ بالكذب وفى اجابة الأنبياء الكفرة عن كلماتهم المسبّة بالحلم وحسن الأدب والاعراض عن مقابلتهم بمثل ما قالوا مع علمهم بان خصومهم أضل الناس وأسفهم كمال النصح والشفقة وهضم النفس وحسن المجادلة وجذب القلوب الى الهداية واخبار الله تعالى ذلك تعليم لعباده كيف يخاطبون السفهاء أكذبتمونى.

وَعَجِبْتُمْ من أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ إهلاك قَوْمِ نُوحٍ فى الأرض وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً اى طولا وقوة قال الكلبي والسدى كانت قامة الطويل منهم مائة ذراع وقامة القصير منهم سبعون ذراعا وقال ابو حمزة اليماني سبعون ذراعا وعن ابن عباس ثمانون ذراعا وقال مقاتل كان طول كل رجل اثنا عشر ذراعا قال وهب كان راس أحدهم مثل القبة العظيمة وكان عين الرجل ليفرخ فيه الضباع وكذلك مناخرهم فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ اى نعمه واحدها الىّ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ اى لكى يفضى بكم ذكر النعمة شكرها المودي الى الفلاح.

قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا من الأصنام ومعنى المجيء اما المجيء من مكان اعتزل من قومه او من السماء على التهكم او القصد على المجاز كقولهم ذهب يسبنى فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب المدلول عليه فى قوله أفلا تتقون او يكون مذكورا صريحا فى كلامه عليه السلام إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فيه.

قالَ هود قَدْ وَقَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>